المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ} (5)

5- ولا أنتم عابدون مثل عبادتي ؛ لأنها التوحيد .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ} (5)

أي : لا تقتدون بأوامر الله وشرعه في عبادته ؛ بل قد اخترعتم شيئًا من تلقاء أنفسكم ، كما قال : { إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى } [ النجم : 23 ] فتبرأ منهم في جميع ما هم فيه ، فإن العابد لا بد له من معبود يعبده ، وعبادة{[30655]} يسلكها إليه . فالرسول وأتباعه يعبدون الله بما شرعه ؛ ولهذا كان كلمة الإسلام " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ، أي : لا معبود إلا الله ، ولا طريق إليه إلا بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، والمشركون يعبدون غير الله عبادة لم يأذن بها الله ؛ ولهذا قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم : { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } . كما قال تعالى : { وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ } [ يونس : 41 ] وقال : { لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ } [ القصص : 55 ] .


[30655]:- (8) في م: "وعبادته".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ} (5)

{ ولا أنتم عابدون ما أعبد } أي وما عبدتم في وقت ما أنا عابده ، ويجوز أن يكونا تأكيدين على طريقة أبلغ ، وأما لم يقل ما عبدت ليطابق ( ما عبدتم ) ؛ لأنهم كانوا موسومين قبل المبعث بعبادة الأصنام ، وهو لم يكن حينئذ موسوما بعبادة الله ، وإنما قال ( ما ) دون ( من ) ؛ لأن المراد الصفة ، كأنه قال : لا أعبد الباطل ، ولا تعبدون الحق ، أو للمطابقة . وقيل : إنها مصدرية . وقيل : الأوليان بمعنى الذي ، والأخريان مصدريتان .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ} (5)

ثم جاء قوله : { ولا أنتم عابدون ما أعبد } الثاني حتماً عليهم أنهم لا يؤمنون به أبداً ، كالذي كشف الغيب ، فهذا كما قيل لنوح صلى الله عليه وسلم : { إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن }{[12009]} ، وأما أن هذا في معنيين ، وقوم نوح عمموا بذلك ، فهذا معنى الترديد الذي في السورة ، وهو بارع الفصاحة ، وليس بتكرار فقط ؛ بل فيه ما ذكرته مع التأكيد والإبلاغ .


[12009]:من الآية 36 من سورة هود.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ} (5)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ ولا أنتم عابدون ما أعبد } فيما بعد اليوم ...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وكان المشركون من قومه -فيما ذُكر- عرضوا عليه أن يعبدوا الله سنة ، على أن يعبد نبيّ الله صلى الله عليه وسلم آلهتهم سنة ، فأنزل الله مُعَرّفه جوابهم في ذلك : قُلْ يا محمد لهؤلاء المشركين الذين سألوك عبادة آلهتهم سنة ، على أن يعبدوا إلهك سنة "يا أيّها الكافِرُونَ" بالله "لا أعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ" من الآلهة والأوثان الآن ، "وَلا أنْتُمْ عابِدُونَ ما أعْبُدُ" الآن ، "وَلا أنا عابِدٌ" فيما أستقبل "ما عَبَدْتُمْ" فيما مضى ، "وَلا أنْتُمْ عابِدُونَ" فيما تستقبلون أبدا "ما أعْبُدُ" أنا الآن ، وفيما أستقبل . وإنما قيل ذلك كذلك ؛ لأن الخطاب من الله كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أشخاص بأعيانهم من المشركين ، قد علم أنهم لا يؤمنون أبدا ، وسبق لهم ذلك في السابق من علمه ، فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يُؤَيّسَهم من الذي طمعوا فيه ، وحدّثوا به أنفسهم ، وأن ذلك غير كائن منه ولا منهم ، في وقت من الأوقات ، وآيسَ نبيّ الله صلى الله عليه وسلم من الطمع في إيمانهم ، ومن أن يفلحوا أبدا ، فكانوا كذلك لم يفلحوا ولم ينجحوا ، إلى أن قُتِل بعضُهم يوم بدر بالسيف ، وهلك بعض قبل ذلك كافرا ...

الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي 468 هـ :

{ ولا أنتم عابدون } في الاستقبال { ما أعبد } فنفى عنهم عبادة الله في الحال وفيما يستقبل ، وهذا في قوم أعلمه الله أنهم لا يؤمنون ، ونفى أيضا عن نفسه عبادة الأصنام في الحال ، وفيما يستقبل ، لييأسوا عنه في ذلك . ...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{ وَلاَ أَنتُمْ عابدون مَا أَعْبُدُ } أي : وما عبدتم في وقت ما أنا على عبادته ... فإن قلت : فلم جاء على «ما » دون «من » ؟ قلت : لأن المراد الصفة ، كأنه قال : لا أعبد الباطل ، ولا تعبدون الحق . وقيل : إن «ما » مصدرية ، أي : لا أعبد عبادتكم ، ولا تعبدون عبادتي ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ ولا أنتم عابدون } أي عبادة هي لكم وصف معتد به في الحال أو الاستقبال . ولما لم يكن قبل البعث مشهوراً عندهم بعبادة الله سبحانه وتعالى ، عبر بما لا يتوجه لهم إليه إنكار ، وهو المضارع الذي ظاهره الحال أو الاستقبال مراداً به ما يشمل الماضي ... فقال : { ما أعبد } أي وجدت مني عبادته واتصفت بها الآن ، وفي ماضي الزمان ، ومستقبله ، اتصافاً يعتد به .

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

عطف على جملة : { ولا أنا عابد ما عبدتم } [ الكافرون : 4 ] لبيان تمام الاختلاف بين حاله وحالهم وإخبار بأنهم لا يعبدون الله إخباراً ثانياً تنبيهاً على أن الله أعلمه بأنهم لا يعبدون الله ، وتقويةً لدلالة هذين الإِخبار على نبوءته صلى الله عليه وسلم فقد أخبر عنهم بذلك فماتَ أولئك كلهم على الكفر وكانت هذه السورة من دلائل النبوءة .

وقد حصل من ذكر هذه الجملة بمثل نظيرتها السابقة توكيد للجملة السابقة توكيداً للمعنى الأصلي منها ، وليس موقعها موقع التوكيد لوجود واو العطف كما علمت آنفاً في قوله : { ولا أنا عابد ما عبدتم } .

ولذلك فالواو في قوله هنا : { ولا أنتم عابدون ما أعبد } عاطفة جملة على جملة لأجل ما اقتضته جملة : { ولا أنتم عابدون ما أعبد } من المناسبة .

ويجوز أن تكون جملة { ولا أنتم عابدون ما أعبد } تأكيداً لفظياً لنظيرتها السابقة بتمامها بما فيها من واو العطف في نظيرتها السابقة وتكون جملة : { ولا أنا عابد ما عبدتم } معترضة بين التأكيد والمؤكد .

والمقصود من التأكيد تحقيق تكذيبهم في عَرضهم أنهم يعبدون رب محمد صلى الله عليه وسلم