ثم قال :{ لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ }{[28599]} يعني :أنهم من جُبنهم وهَلَعهم لا يقدرون على مواجهة جيش الإسلام بالمبارزة والمقابلة{[28600]} بل إما في حصون أو من وراء جدر{[28601]} محاصرين ، فيقاتلون للدفع عنهم ضرورة .
ثم قال { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } أي : عداوتهم [ فيما ] {[28602]} بينهم شديدة ، كما قال : { وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } [ الأنعام : 65 ] ؛ ولهذا قال : { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى } أي : تراهم مجتمعين فتحسبهم مؤتلفين ، وهم مختلفون غاية الاختلاف .
قال : إبراهيم النخعي : يعني : أهل الكتاب والمنافقين { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ } .
{ لا يقاتلونكم } اليهود والمنافقون { جميعا }مجتمعين متفقين { إلا في قرى محصنة } بالدروب والخنادق { أو من وراء جدر }لفرط رهبتهم وقرأ ابن كثير وأبو عمر جدار وأمال أبو عمرو فتحة الدال ، { بأسهم بينهم شديد } أي وليس ذلك لضعفهم وجبنهم فإنه يشتد بأسهم إذا حارب بعضهم بعضا بل لقذف الله الرعب في قلوبهم ولأن الشجاع يجبن والعزيز يذل إذا حارب الله ورسوله ، { تحسبهم جميعا }مجتمعين متفقين { وقلوبهم شتى }متفرقة لافتراق عقائدهم واختلاف مقاصدهم { ذلك بأنهم قوم لا يعقلون } ما فيه صلاحهم وإن تشتت القلوب يوهن قواهم .
الضمير في قوله تعالى : { لا يقاتلونكم } لبني النضير وجميع اليهود ، وهذا قول جماعة المفسرين ، ويحتمل أن يريد بذلك : اليهود والمنافقين ، لأن دخول المنافقين في قوله تعالى : { بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى } متمكن بين . ومعنى الآية : { لا يقاتلونكم } في جيش بفحص{[11031]} ، والقرى المدن . قال الفراء هذا جمع شاذ . قال الزجاج : ما في القرآن فليس بشاذ وهو مثل ضيعة وضيع . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وكثير من المكيين «جدار » على معنى الجنس . وقرأ كثير من المكيين وهارون عن ابن كثير : «جَدْر » بفتح الجيم وسكون الدال ومعناه أصل بنيان كالسور ونحوه ، وقرأ الباقون من القراء «جُدُر » بضم الجيم والدال وهو جمع جدار ، وقرأ أبو رجاء وأبو حيوة «جُدْر » بضم الجيم وسكون الدال وهو تخفيف في جمع جدار ، ويحتمل أن يكون من جدر النخل أي من وراء نخلهم إذ هي مما يتقى به عند المضايقة{[11032]} .
وقوله تعالى : { بأسهم بينهم شديد } أي في عائلتهم وأحبتهم ، وفي قراءة عبد الله بن مسعود «تحسبهم جميعاً وفي قلوبهم أشتات » ، وهذه حال الجماعات المتخاذلة وهي المغلوبة أبداً فيما يحاول ، واللفظة مأخوذة من الشتات وهو التفرق ونحوه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.