ثم أخبر سبحانه بمزيد فشلهم وضعف نكايتهم فقال :
{ لا يقاتلونكم جميعا } يعني لا يبرز اليهود والمنافقون مجتمعين لقتالكم ، ولا يقدرون على ذلك { إلا في قرى محصنة } بالدروب والدور والخنادق { أو من وراء جدر } أي من خلف الحيطان التي يستترون بها لجبنهم ورهبتهم قرأ الجمهور جدر بالجمع ، وقرئ جدار بالإفراد ، واختار الأولى أبو عبيد وأبو حاتم ، لأنها موافقة لقوله : { قرى محصنة } ، وهما سبعيتان وقرئ جدر بفتح الجيم وإسكان الدال ، وهي لغة في الجدار .
{ بأسهم بينهم شديد } أي بعضهم فظ غليظ على بعض ، وقلوبهم مختلفة ، ونياتهم متباينة ، قال السدي : المراد اختلاف قلوبهم حتى لا يتفقوا على أمر واحد ، وقال مجاهد : { بأسهم بينهم شديد } بالكلام والوعيد ، لنفعلن كذا ، والمعنى أنهم إذا انفردوا نسبوا أنفسهم إلى الشدة والبأس ، وإذا لاقوا عدوا ذلوا وخضعوا وانهزموا ، وقيل : المعنى أن بأسهم بالنسبة إلى أقرانهم شديد ، وإنما ضعفهم بالنسبة إليكم لما قذف الله في قلوبهم من الرعب ، والأول أولى لقوله : { تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى } فإنه يدل على أن اجتماعهم إنما هو في الظاهر مع تخالف قلوبهم في الباطن ، وهذا التخالف هو البأس الذي بينهم ، والموصوف بالشدة ، والجملة حالية أو مستأنفة للإخبار بذلك .
والعامة على أن شتى بلا تنوين لأنها ألف تأنيث ، ومعنى شتى متفرقة ، قال مجاهد : يعني اليهود والمنافقين ، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ، أي لافتراق عقائدهم ، واختلاف مقاصدهم ، وروي عنه أيضا انه قال : المراد المنافقون ، وقال الثوري : هم المشركون وأهل الكتاب ، قال قتادة : { تحسبهم جميعا } أي مجتمعين على أمر ، ورأي ، وقلوبهم متفرقة ، فأهل الباطل مختلفة آراؤهم ، مختلفة شهادتهم ، مختلفة أهواؤهم ، وهم يجتمعون في عداوة أهل الحق ، وقرأ ابن مسعود وقلوبهم أشت أي أشد اختلافا ، قال ابن عباس في الآية : هم المشركون ، وهذا تجسير للمؤمنين ، وتشجيع لقلوبهم على قتالهم .
{ ذلك بأنهم } أي ذلك الاختلاف والتشتت بسبب أنهم { قوم لا يعقلون } شيئا مما فيه صلاحهم ، فإن تشتيت القلوب يوهن قواهم ، ولو عقلوا لعرفوا الحق واتبعوه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.