المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (65)

65- وكما أرسلنا نوحاً إلى قومه داعياً إلى التوحيد ، أرسلنا إلى عاد{[68]} هودا واحداً منهم علاقته بهم كعلاقة الأخ بأخيه ، فقال لهم : يا قوم اعبدوا الله - وحده - وليس لكم إله غيره ، وإن ذلك سبيل الاتقاء من الشر والعذاب وهو الطريق المستقيم ، فهلا سلكتموه لتتقوا الشر والفساد ؟ .


[68]:عاد هي أقوى بطون الشعوب السامية، ويشكلون الطبقة الأولى من طبقات العرب البائدة، وأما منازلهم فكانت بوادي الأحقاف التي ورد ذكرها في الكتاب العزيز بسورة الأحقاف آية 21. وقد اتفق الثقات من أعلام المسلمين على أن الأحقاف بأرض اليمن وإن اختلفوا في تحديد مكانها اختلافا طفيفا، فهي عند ياقوت الحموي واد بين عمان وأرض مهرة، وعند ابن إسحاق نقلا عن ابن عباس وعند ابن خلدون أنها رمل بين عمان وحضرموت؛ وعند قتادة رمل مشرفة على البحر بالشجر من أرض اليمن، ويجدر بالذكر أن منازل عاد عند بعض الغربيين القدامى تقع في أعالي الحجاز في منطقة حسمى وعلى مقربة من منازل ثمود، وأيا كان هذا الرأي فلا يستبعد أن يكون قوم عاد قد رحلوا في وقت ما من الأحقاف إلى هذه المنطقة.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (65)

يقول تعالى : وكما أرسلنا إلى قوم نوح نوحًا ، كذلك أرسلنا إلى عاد أخاهم هودًا .

قال محمد بن إسحاق : هم [ من ]{[11862]} ولد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح .

قلت : وهؤلاء هم عاد الأولى ، الذين ذكرهم الله [ تعالى ]{[11863]} وهم أولاد عاد بن إرم الذين كانوا يأوون إلى العَمَد في البر ، كما قال تعالى : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ } [ الفجر : 6 - 8 ] وذلك لشدة بأسهم وقوتهم ، كما قال تعالى : { فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } [ فصلت : 15 ] .

وقد كانت مساكنهم باليمن بالأحقاف ، وهي جبال الرمل .

قال محمد بن إسحاق ، عن محمد بن عبد الله بن أبي سعيد الخزاعي ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، سمعت علي بن أبي طالب [ رضي الله عنه ]{[11864]} يقول لرجل من حضرموت : هل رأيت كثيبا أحمر تخالطه مَدَرَة حمراء ذا أرَاكٍ وسدْر كثير بناحية كذا وكذا من أرض حضرموت ، هل رأيته ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين . والله إنك لتنعته نعتَ رجل قد رآه . قال : لا ولكني قد حدِّثتُ عنه . فقال الحضرمي : وما شأنه يا أمير المؤمنين ؟ قال : فيه قبرُ هود ، عليه السلام .

رواه ابن جرير{[11865]} وهذا فيه فائدة أن مساكنهم كانت باليمن ، وأن هودا ، عليه السلام ، دفن هناك ، وقد كان من أشرف{[11866]} قومه نسبا ؛ لأن الرسل [ صلوات الله عليهم ]{[11867]} إنما يبعثهم الله من أفضل القبائل وأشرفهم ، ولكن كان قومه كما شُدّد خلقهم شُدِّد على قلوبهم ، وكانوا من أشد الأمم تكذيبا للحق ؛ ولهذا دعاهم هود ، عليه السلام ، إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وإلى طاعته وتقواه .


[11862]:زيادة من م.
[11863]:زيادة من أ.
[11864]:زيادة من أ.
[11865]:تفسير الطبري (12/507).
[11866]:في م، ك: "أشراف".
[11867]:زيادة من أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (65)

{ وإلى عاد أخاهم } عطف على نوحا إلى قومه . { هودا } عطف بيان لأخاهم والمراد به الواحد منهم ، كقولهم يا أخا العرب للواحد منهم ، فإنه هود بن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح . وقيل هود بن شالح بن ارفخشد بن سام بن نوح ، ابن عم أبي عاد ، وإنما جعل منهم لأنهم أفهم لقوله وأعرف بحاله وأرغب في اقتفائه { قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره } استأنف به ولم يعطف كأنه جواب سائل قال : فما قال لهم حين أرسل ؟ وكذلك جوابهم . { أفلا تتقون } عذاب الله ، وكأن قومه كانوا أقرب من قوم نوح عليه الصلاة والسلام ولذلك أفلا تتقون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (65)

{ عاد } اسم الحي ، و { أخاهم } نصب ب { أرسلنا } [ الأعراف : 59 ] فهو معطوف على نوح ، وهذه أيضاً نذارة من هود عليه السلام لقومه ، وتقدم الخلاف في قراءة { غيره } وقوله { أفلا تتقون } استعطاف إلى التقى والإيمان .