تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{عَامِلَةٞ نَّاصِبَةٞ} (3)

وقوله : { عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ } أي : قد عملت عملا كثيرا ، ونصبت فيه ، وصليت يوم القيامة نارا حامية .

وقال الحافظ أبو بكر البرقاني : حدثنا إبراهيم بن محمد المُزَكّى ، حدثنا محمد بن إسحاق السراج ، حدثنا هارون بن عبد الله ، حدثنا سيار{[29993]} حدثنا جعفر قال : سمعت أبا عمران الجَوني يقول : مر عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، بدير راهب ، قال : فناداه : يا راهب [ يا راهب ] {[29994]} فأشرف . قال : فجعل عمر ينظر إليه ويبكي . فقيل له : يا أمير المؤمنين ، ما يبكيك من هذا ؟ قال : ذكرت قول الله ، عز وجل في كتابه : { عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً } فذاك الذي أبكاني{[29995]} .

وقال البخاري : قال ابن عباس : { عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ } النصارى .

وعن عكرمة ، والسدي : { عَامِلَةٌ } في الدنيا بالمعاصي { نَّاصِبَةٌ } في النار بالعذاب والأغلال {[29996]} .


[29993]:- (1) في أ: "حدثنا يسار".
[29994]:- (2) زيادة من م، أ.
[29995]:- (3) ورواه عبد الرزاق في تفسيره (2/299) عن جعفر بن سليمان، عن أبي عمران به، ورواه الحاكم في المستدرك (2/522) من طريق الخضر بن أبان، عن سيار، عن جعفر به، وقال الحاكم: "هذه حكاية في وقتها، فإن أبا عمران الجوني لم يدرك زمان عمر".
[29996]:- (4) في م: "والإهلاك".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{عَامِلَةٞ نَّاصِبَةٞ} (3)

وقوله : عامِلةٌ يعني : عاملة في النار . وقوله : ناصِبَةٌ يقول : ناصبة فيها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس عامِلَةٌ ناصِبَةٌ فإنها تعمل وتَنصَب في النار .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، قال : سمعت الحسن ، قرأ : عامِلَةٌ ناصِبَةٌ قال : لم تعمل لله في الدنيا ، فأعملها في النار .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَكَبّرت في الدنيا عن طاعة الله ، فأعملها وأنصبها في النار .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : عامِلَةٌ ناصِبَةٌ قال : عاملة ناصبة في النار .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : عامِلَةٌ ناصِبَةٌ قال : لا أحد أنصَبُ ولا أشدّ من أهل النار .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{عَامِلَةٞ نَّاصِبَةٞ} (3)

والعاملة : المكلفة العَمَل من المشاق يومئذ . و { ناصبة } : من النصب وهو التعب .

وأوثر وصف { خاشعة } و { عاملة } و { ناصبة } تعريضاً بأهل الشقاء بتذكيرهم بأنهم تركوا الخشوع لله والعمل بما أمر به والنصبَ في القيام بطاعته ، فجزاؤهم خشوع مذلّة ، وعمل مشقة ، ونصَب إرهاق .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{عَامِلَةٞ نَّاصِبَةٞ} (3)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله : "عامِلةٌ" يعني : عاملة في النار . وقوله : "ناصِبَةٌ" يقول : ناصبة فيها... قرأ [الحسن] : "عامِلَةٌ ناصِبَةٌ" قال : لم تعمل لله في الدنيا ، فأعملها في النار ...

قال ابن زيد ، في قوله : "عامِلَةٌ ناصِبَةٌ" قال : لا أحد أنصَبُ ولا أشدّ من أهل النار .

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

قال بعضهم : جائز أن يكون منصرفا إلى عبادة الكفرة ، وهو أنهم بقوا أبدا في النصب والعمل في الدنيا والآخرة ...

قال بعضهم : جائز أن يكون نصبها وعملها في النار ، وهو أنها لم تعمل في الدنيا ، بل تكبرت عن طاعة الله ، فأعملها ، وأنصبها في الآخرة بمعالجة الأغلال والسلاسل في النار الحامية ، أو عملت في الدنيا بالمعاصي ، ونصبت في الآخرة ، فيكون فيه تبيين العمل والجزاء ...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

فلا ثمرة لعملها إلا النصب وخاتمته النار . قالوا : والآية في القسيسين وعبدة الأوثان وكل مجتهد في كفر ...

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

فهذا في الدنيا ؛ لأن الآخرة ليست دار عمل . ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ عاملة } أي مجتهدة في الأعمال التي تبتغي بها النجاة حيث لا نجاة بفوات دار العمل فتراها جاهدة فيما كلفتها به الزبانية من جر السلاسل والأغلال وخوض الغمرات من النيران ونحو ذلك... وهذا بما كان يهمل العمل في الدنيا { ناصبة } أي هي في ذلك في غاية التعب والدؤوب في العمل والاجتهاد - هذه رواية العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وذلك لأنهم لم يخشوا الله في الدنيا فلم يعملوا له فلم ينصبوا في طاعته أجسادهم فاضطرهم في ذلك اليوم إلى أعظم مما أبوه في الدنيا مع المضرة دون المنفعة ، ويجوز أن يراد بها الذين تعبوا ونصبوا في الدنيا أجسامهم وهم على غير دين الإسلام ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

عملت لغير الله ، ونصبت في غير سبيله . عملت لنفسها وأولادها . وتعبت لدنياها ولأطماعها . ثم وجدت عاقبة العمل والكد . وجدته في الدنيا شقوة لغير زاد . ووجدته في الآخرة سوادا يؤدي إلى العذاب . وهي تواجه النهاية مواجهة الذليل المرهق المتعوس الخائب الرجاء ! ...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والعاملة : المكلفة العَمَل من المشاق يومئذ . ... وأوثر وصف { خاشعة } و { عاملة } و { ناصبة } تعريضاً بأهل الشقاء بتذكيرهم بأنهم تركوا الخشوع لله والعمل بما أمر به والنصبَ في القيام بطاعته ، فجزاؤهم خشوع مذلّة ، وعمل مشقة ، ونصَب إرهاق . ...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

فكلّ ما سعوا وكدوّا فيه في الحياة الدنيا سوف لا يجنون منه إلاّ التعب والنصب ، وذلك : لأنّ أعمالهم غير مقبولة عند اللّه ، وما جمعوه من أموال وثروات قد ذهبت لغيرهم ، ولا يملكون من ذكر صالح يعقبهم في الدنيا ولا ولد صالح يدعو ويستغفر اللّه لهم ، فما اصدق هذا القول بحقّهم ...