لما ذكر تعالى من أوصاف عباده المؤمنين ما ذكر من [ هذه ]{[21683]} الصفات الجميلة ، والأفعال والأقوال{[21684]} الجليلة{[21685]} - قال بعد ذلك كله : { أُوْلَئِك } أي : المتصفون بهذه { يُجْزَوْن } أي : يوم القيامة { الْغُرْفَةَ } وهي الجنة .
قال أبو جعفر الباقر ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، والسُّدِّيّ : سميت بذلك لارتفاعها .
{ بِمَا صَبَرُوا } أي : على القيام بذلك { وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا } أي : في الجنة { تَحِيَّةً وَسَلامًا } أي : يُبْتَدرُون{[21686]} فيها بالتحية والإكرام ، ويلقون [ فيها ]{[21687]} التوقير والاحترام ، فلهم السلام وعليهم السلام ، فإن الملائكة يدخلون عليهم من كل باب ، سلام عليكم بما صبرتم ، فنعم عقبى الدار .
القول في تأويل قوله تعالى : { أُوْلََئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقّوْنَ فِيهَا تَحِيّةً وَسَلاَماً } .
يقول تعالى ذكره : هؤلاء الذين وصفت صفتهم من عبادي ، وذلك من ابتداء قوله : وَعِبادُ الرّحْمَنِ الّذِينَ يَمْشُونَ على الأرْضِ هَوْنا . . . إلى قوله : وَالّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنا هَبْ لَنا مِنْ أزْوَاجِنا . . . الاَية يُجْزَوْنَ يقول : يُثابون على أفعالهم هذه التي فعلوها في الدنيا الغُرْفَةَ وهي منزلة من منازل الجنة رفيعة بِمَا صَبرُوا يقول : بصبرهم على هذه الأفعال ، ومقاساة شدتها . وقوله : وَيُلَقّوْنَ فِيها تَحِيّةً وَسَلاما اختلفت القرّاء في قراءته ، فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة : وَيُلَقّوْنَ مضمومة الياء ، مشدّدة القاف ، بمعنى : وتتلقاهم الملائكة فيها بالتحية . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة : «ويَلْقَوْنَ » بفتح الياء ، وتخفيف القاف .
والصواب من القول في ذلك أن يقال : إنهما قراءتان مشهورتان في قَرَأَة الأمصار ، بمعنى واحد ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب ، غير أن أعجب القراءتين إليّ أن أقرأ بها «وَيَلْقَوْنَ فِيها » بفتح الياء ، وتخفيف القاف ، لأن العرب إذا قالت ذلك بالتشديد ، قالت : فلان يُتَلَقّى بالسلام وبالخير ، ونحن نَتَلقاهم بالسلام ، قرنته بالياء ، وقلما تقول : فلان يُلَقّى السلام ، فكان وجه الكلام ، لو كان بالتشديد ، أن يقال : ويُتَلَقّون فيها بالتحية والسلام . وإنما اخترنا القراءة بذلك ، كما تجيز : أخذت بالخطام ، وأخذتُ الخطام . وقد بيّنا معنى التحية والسلام فيما مضى قبل ، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع .
قرأ أبي كعب «يجازون » بألف ، و { الغرفة } من منازل الجنة وهي الغرفة فوق الغرف وهو اسم الجنة كما قال : [ الهزج ]
ولولا الحبة السمراء . . . لم نحلل بواديكم{[8891]}
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو «ويُلَقّون » بضم الياء وفتح اللام وشد القاف وهي قراءة أبي جعفر وشيبة والحسن ، وقرأ حمزة والكسائي وابن عامر وعاصم وطلحة ومحمد اليماني ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم «ويلْقون » بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف ، واختلف عن عاصم{[8892]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.