بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ يُجۡزَوۡنَ ٱلۡغُرۡفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوۡنَ فِيهَا تَحِيَّةٗ وَسَلَٰمًا} (75)

وروي عن عروة ، أنه كان يدعو بأن يجعله الله ممن يحمل عنه العلم ، فاستجيب دعاؤه . وروي عن مجاهد معناه : واجعلنا ممن نقتدي بمن قبلنا ، حتى يقتدي بنا من بعدنا . ويقال : معناه اجعلنا ممن يقتدي بالمتقين ، ويقتدي بنا المتقون ، فهذا كله من خصال عباد الرحمن ، من قوله : { وَعِبَادُ الرحمن } إلى هاهنا . فوصف أعمالهم ، ثم بيّن ثوابهم فقال عز وجل : { أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الغرفة } يعني : غرف الجنة كقوله : { لكن الذين اتقوا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانهار وَعْدَ الله لاَ يُخْلِفُ الله الميعاد } [ الزمر : 20 ] { بِمَا صَبَرُواْ } يعني : صبروا على أمر الله تعالى في الدنيا ، وعلى طاعته { وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا } يعني : في الجنة { تَحِيَّةً } يعني : التسليم { وسلاما } يعني : سلام الله تعالى لهم . قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر . وإحدى الروايتين عن ابن عباس ، { وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا } بنصب الياء ، وجزم اللام ، والتخفيف . وقرأ الباقون { وَيُلَقَّوْنَ } بضم الياء ونصب اللام ، وتشديد القاف ، فمن قرأ بالتخفيف ، يعني : يلقي بعضهم بعضاً بالسلام ، ومن قرأ بالتشديد يعني : يجيء إليهم سلام الله ، يعني : يلقى إليهم السلام من الله تعالى .