المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ} (3)

1 - أقسم وأؤكد القسم بيوم القيامة - وهو الحق الثابت - وأقسم وأؤكد القسم بالنفس التي تلوم صاحبها على الذنب والتقصير ، لتبعثن بعد جمع ما تفرق من عظامكم ، أيحسب الإنسان - بعد أن خلقناه من عدم - أن لن نجمع ما بلى وتفرق من عظامه ؟ .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ} (3)

( لا أقسم بيوم القيامة ، ولا أقسم بالنفس اللوامة ) . . على وقوع هذه القيامة ، ولكنه لما عدل عن القسم ، عدل عن ذكر المقسم به ، وجاء به في صورة أخرى كأنها ابتداء لحديث بعد التنبيه إليه بهذا المطلع الموقظ :

أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه ? بلى قادرين على أن نسوي بنانه . .

وقد كانت المشكلة الشعورية عند المشركين هي صعوبة تصورهم لجمع العظام البالية ، الذاهبة في التراب ، المتفرقة في الثرى ، لإعادة بعث الإنسان حيا ! ولعلها لا تزال كذلك في بعض النفوس إلى يومنا هذا !

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ} (3)

وقوله تعالى : { أيحسب الإنسان } تقرير وتوبيخ ، و { الإنسان } اسم جنس وهذه أقوال كانت لكفار قريش فعليها هو الرد ، وقرأ جمهور الناس : «نجمع عظامَه » بالنون ونصب الميم من العظام ، وقرأ قتادة «أن لن يجمع عظامُه » بالياء ورفع الميم من العظام ، ومعنى ذلك في القيامة وبعد البعث من القبور ، وقرأ أبو عمرو بإدغام العين .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ} (3)

وقوله : { أيحسب الإِنسان أن لن نجمع عظامه } الخ دليل على جواب القسم إذ تقدير الجواب لنجمعن عظامكم ونبعثكم للحساب .

وتعريف { الإِنسان } تعريف الجنس ، ووقوعه في سياق الإِنكار الذي هو في معنى النفي يقتضي العموم ، وهو عموم عرفي منظور فيه إلى غالب الناس يومئذٍ إذ كان المؤمنون قليلاً . فالمعنى : أيحسب الإِنسان الكافر .

وجملة { أن لن نجمع عظامه } مركبة من حرف { أن } المفتوحة الهمزة المخففة النون التي هي أخت ( إنّ ) المكسورة .

واسم { أن } ضمير شأن محذوف .

والجملة الواقعة بعد { أنْ } خبر عن ضمير الشأن ، فسيبويه يجعل { أن } مع اسمها وخبرها سادّة مسدّ مفعولي فعل الظن . والأخفش يَجعل { أن } مع جزئيها في مقام المفعول الأول ( أي لأنه مصدر ) ويقدِّر مفعولاً ثانياً . وذلك أن من خواص أفعال القلوب جواز دخول ( أن ) المفتوحة الهمزة بعدها فيستغني الفعل ب ( أن ) واسمها وخبرها عن مفعوليه .

وجيء بحرف { لن } الدال على تأكيد النفي لحكاية اعتقاد المشركين استحالة جمع العظام بعد رمامها وتشتتها .

قال القرطبي : نزلت في عدي بن ربيعة ( الصواب ابن أبي ربيعة ) قال للنبيء صلى الله عليه وسلم يا محمد حدِّثْني عن يوم القيامة فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عدي : لو عاينتُ ذلك اليوم لم أصدقْك أوَ يجمع الله العظام . فنزلت هذه الآية ، ألا قلت : إن سبب النزول لا يخصص الإِنسان بهذا السائل .

والعظام : كناية عن الجسد كله ، وإنما خصت بالذكر لحكاية أقوالهم { من يُحيي العظام وهي رميم } [ يس : 78 ] { أإذا كنا عظاماً ورفاتاً إنا لمبعوثون } [ الإسراء : 49 ] { أإذَا كنا عظاماً نخرة } [ النازعات : 11 ] فهم احتجوا باستحالة قبول العظام للإِعادة بعد البِلى ، على أن استحالة إعادة اللحم والعصب والفؤاد بالأولى . فإثبات إعادة العظام اقتضى أن إعادة بقية الجسم مساوٍ لإِعادة العظم وفي ذلك كفاية من الاستدلال مع الإِيجاز .

ثم إن كانت إعادة الخلق بجَمع أجزاء أجسامهم المتفرقة من ذراتتٍ الله أعلم بها ، وهو أحد قولين لعلمائنا ، ففعل { نجمع } محمول على حقيقته . وإن كان البعث بخلق أجسام أخرى على صور الأجسام الفانية سواء كان خلقاً مستأنفاً أو مبتدأ من أعجاب الأذناب على ما ورد في بعض الأخبار وهما قولان لعلمائنا . ففعل { نجمع } مستعار للخلق الذي هو على صورة الجسم الذي بلِيَ . ومناسبة استعارته مشاكلةُ أقوال المشركين التي أريد إبطالُها لتجنب الدخول معهم في تصوير كيفية البعث ، ولذلك لا ترى في آيات القرآن إلاّ إجمالها ومِن ثَم اختلف علماء الإِسلام في كيفية إعادة الأجسام عند البعث . واختار إمام الحرمين التوقف ، وآيات القرآن ورد فيها ما يصلح للأمرين .