الآية3 : وقوله تعالى : { أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه } فقوله : { أيحسب الإنسان } وإن خرج مخرج الاستفهام في الظاهر فليس هو باستفهام ، ولكنه تحقيق حسبان من الإنسان .
فجائز أن يكون حمله على الحسبان ، هو أن القدرة لا تنتهي إلى هذا في أن يجمع العظام ، ويؤلفها{[22749]} بعد تفتتها وتلاشيها ، فيدفع حسبانه هذا بقوله : { قل يحييها الذي أنشأها أول مرة }[ يس : 79 ] فمن تفكر في النشأة الأولى علم أن القدرة تنتهي إلى جمع العظام بعد أن صارت رميما ، وأن الذي قدر على إنشائها قادر على جمعها بعد تفريقها .
وجائز أن يكون حسب أن العظام لا تجمع بعد تفريقها لأنها لو جمعت بعد التفريق لم تكن تعرف بعد أن وجدت مجموعة . ألا ترى أن المرء في الشاهد لا يقصد إلى نقض ما بنى ليعيده مرة أخرى إلى الجهة المتقدمة ، ومن فعل ذلك[ كان ]{[22750]} عابثا في هدمه ، لم يكن حكيما ؟ .
فإذا كان هذا المعنى هو الذي حمله على الحسبان فجوابه أن يقال : إن الجمع الأول وقع لمكان المحنة والابتلاء ، والجمع بعد التفريق لمكان الجزاء . فإن كان الجمع الثاني لغير الوجه الذي وقع الجمع في الابتداء كان صحيحا مستقيما ، وإنما يخرج عن حد الحكمة إذا لم تكن الإعادة إلا للوجه الذي وقع الابتداء .
ألا ترى أن الذي نقض بناءه إذا أعاده لا للوجه الذي كان بنى أول مرة لم ينكر عليه ؟ .
وفي ما ذكرنا ردّ قول الباطنية لأنهم زعموا أن هذه الأنفس تتلاشى ، وتتلف ، فلا تبعث ، وأن البعث يقع على النفس الروحانية . ولو كان كما زعموا لم يكن لقوله : { أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه } معنى ، لأن العظام لا تجمع على قولهم بعد ما صدرت رميمة ، فيكون الأمر إذن على ما وقع في حسبان هذا{[22751]} الإنسان . فلا معنى للرد عليه بقوله : { بلى قادرين على أن نسوي بنانه }[ الآية : 4 ] .
ألا ترى أن الذي حمله على الإنكار لجمع العظام بعد تفريقها هو أنه لم ير هذا الوجه موجودا في الشاهد ؟ .
ولو كان الأمر على ما زعمت الباطنية لكان الإنكار مدفوعا ؛ إذ وجد النفس الروحانية مبعوثة في الشاهد بعد توفيها ، وقال الله عز وجل : { قل يحييها الذي أنشأها أول مرة }[ يس : 79 ] فأخبر أن الأنفس التي أنشئت أول مرة هي التي تحيى لا غير .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.