قوله : { أَيَحْسَبُ الإنسان أَلَّن } . هذه «أن » المخففة وتقدم حكمها في «المائدة » و «أن » وما في حيِّزها في موضع الجرِّ ، والفاصل هنا حرف النَّفي ، وهي وما في حيِّزها سادَّةٌ مسدّ مفعولي «حَسِب » أو مفعوله على الخلاف .
والعامَّة : على «نَجْمَعَ » بنون العظمة ، و «عِظامهُ » نصب مفعولاً به .
وقتادة : «تُجْمع »{[58634]} بتاءٍ من فوقُ مضمومةٍ على ما لم يسم فاعله ؛ «عظامه » رفع لقيامه مقام الفاعل .
قال الزجاج : أقسم بيوم القيامة وبالنفس اللوامة ليجمعنَّ العظام للبعث ، فهذا جواب [ القسم .
وقال النحاس : جواب ]{[58635]} القسم محذوف ، أي : لنبعثن .
والمراد بالإنسان : الكافر المكذب بالبعث .
قيل : «نزلت في عدي بن ربيعة قال للبني صلى الله عليه وسلم حَدِّثنِي عن يَومِ القِيامةِ مَتَى تكُونُ ، وكَيْفَ أمْرهَا وحَالُهَا ؟ فأخْبرَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : لَوْ عَايَنْتُ ذلكَ اليَوْمَ لَمْ أصَدِّقكَ يا مُحمَّدُ ولَمْ أومِنْ بِه ، أو يَجْمَعُ اللَّهُ العِظامَ ؟ ولهذا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول : " اللَّهُمَّ اكفِنِي جَارَي السُّوءِ عدَيَّ بن ربيعَة ، والأخنس بنَ شَريقٍ " {[58636]} .
وقيل : نزلت في عدو الله أبي جهل حين أنكر البعث بعد الموت ، وذكر العظام ، والمراد نفسه كلها ؛ لأن العظام قالب الخلق .
وقيل : المراد بالإنسان : كل من أنكر البعث مطلقاً .
قوله : { بلى } إيجاب لما بعد النفي المنسحب عليه الاستفهام ، وهو وقف حسن ، ثم يبتدئ " قَادِرين " ، ف " قَادِرين " حال من الفاعل المضمر في الفعل المحذوف على ما ذكرنا من التقدير .
وقيل : المعنى بل نجمعها نقدر قادرين .
قال الفراء : " قادرين " نصب على الخروج من " نَجْمعَ " أي نقدر ونقوى " قادرين " على أكثر من ذلك .
وقال أيضاً : يَصْلُح نصبُه على التكرير ، أي : بلى فليحسبنا قادرين .
وقيل : المضمر " كنا " أي : كنا قادرين في الابتداء ، وقد اعترف به المشركون .
وقرأ ابن أبي عبلة{[58637]} وابن السميفع : " قادرون " رفعاً على خبر ابتداء مضمر ، أي " بلى " نحن " قادرون " { على أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ } والبنانُ عند العرب : الأصابع ، واحدُها بنانةٌ ؛ قال عنترة : [ الوافر ]
4985 - وأنَّ المَوْتَ طَوْعُ يَدِي إذَا مَا*** وصَلْتُ بَنانَهَا بالهِنْدُوَانِي{[58638]}
فنبه بالبنان على بقية الأعضاء .
وأيضاً : فإنها أضعف العظام فخصها الله - عز وجل - بالذكر لذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.