مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ} (3)

قوله تعالى : { أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه ، بلى قادرين على أن نسوي بنانه } فيه مسائل :

المسألة الأولى : ذكروا في جواب القسم وجوها ( أحدها ) وهو قول الجمهور أنه محذوف على تقدير ليبعثن ويدل عليه { أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه } ، ( وثانيها ) قال الحسن : وقع القسم على قوله : { بلى قادرين } ، ( وثالثها ) وهو أقرب أن هذا ليس بقسم بل هو نفي للقسم فلا يحتاج إلى الجواب ، فكأنه تعالى يقول : لا أقسم بكذا وكذا على شيء ، ولكني أسألك ( أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه ) .

المسألة الثانية : المشهور أن المراد من الإنسان إنسان معين ، روي أن عدي بن أبي ربيعة ختن الأخنس بن شريق ، وهما اللذان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيهما : « اللهم اكفني شر جاري السوء » قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا محمد حدثني عن يوم القيامة متى يكون وكيف أمره ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك يا محمد ولم أؤمن بك كيف يجمع الله العظام ؟ فنزلت هذه الآية ، وقال ابن عباس : يريد الإنسان هاهنا أبا جهل ، وقال جمع من الأصوليين : بل المراد بالإنسان المكذب بالبعث على الإطلاق .

المسألة الثالثة : قرأ قتادة : { أن لن نجمع عظامه } على البناء للمفعول ، والمعنى أن الكافر ظن أن العظام بعد تفرقها وصيرورتها ترابا واختلاط تلك الأجزاء بغيرها وبعدما نسفتها الرياح وطيرتها في أباعد الأرض لا يمكن جمعها مرة أخرى .