السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ} (3)

وجواب القسم محذوف أي : لتبعثنّ دل عليه قوله تعالى : { أيحسب الإنسان } أي : هذا النوع الذي جبل على الأنس بنفسه والنظر في عطفيه وأسند الفعل إلى النوع كله ؛ لأنّ أكثرهم كذلك لغلبة الحظوظ على العقل إلا من عصم الله تعالى ، وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة بفتح السين والباقون بكسرها { ألن } أي : أنا لا { نجمع } أي : على ما لنا من العظمة { عظامه } أي : التي هي قالب بدنه فنعيدها كما كانت بعد تمزقها وتفتتها للبعث والحساب .

وقيل : نزلت في عدي بن ربيعة حليف بني زهرة خال الأخنس بن شريق الثقفي وذلك أن عدياً أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد حدّثني عن القيامة متى تقوم ؟ وكيف أمرها وحالها ؟ فأخبره النبيّ صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك ولم أؤمن بك ، أَوَ يجمع الله العظام بعد تفرّقها ورجوعها رميماً ورفاتاً مختلطاً بالتراب وبعد ما نسفتها الرياح وطيرتها في أباعد الأرض ولهذا كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول : «اللهمّ اكفني جاري السوء عدي بن ربيعة والأخنس بن شريق » وقيل : نزلت في عدوّ الله أبي جهل أنكر البعث بعد الموت وذكر العظام ، والمراد نفسه كلها لأنّ العظام قالب الخلق .

تنبيه : ألن هنا موصولة وليس بين الهمزة واللام نون في الرسم كما ترى .