وحين ينتهي من عرض سوءات نفوسهم ؛ وسوءات سلوكهم ؛ ومن عرض أسبابها من الكفر بالله واليوم الآخر ، وصحبة الشيطان واتباعه ؛ ومن الجزاء المعد المهيأ لأصحاب هذه السوءات ، وهو العذاب المهين . . عندئذ يسأل في استنكار :
( وماذا عليهم لو آمنوا بالله ، واليوم الآخر ، وأنفقوا مما رزقهم الله ؟ وكان الله بهم عليما . إن الله لا يظلم مثقال ذرة ، وإن تك حسنة يضاعفها ، ويؤت من لدنه أجرا عظيما ) . .
أجل ! ماذا عليهم ؟ ما الذي يخشونه من الإيمان بالله واليوم الآخر ، والإنفاق من رزق الله .
{ وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله } أي وما الذي عليهم ، أو أي تبعه تحيق بهم بسبب الإيمان والإنفاق في سبيل الله ، وهو توبيخ لهم على الجهل بمكان المنفعة والاعتقاد في الشيء على خلاف ما هو عليه ، وتحريض على الفكر لطلب الجواب لعله يؤدي بهم إلى العلم بما فيه من الفوائد الجليلة ، والعوائد الجميلة . وتنبيه على أن المدعو إلى أمر لا ضرر فيه ينبغي أن يجيب إليه احتياطا ، فكيف إذا تضمن المنافع . وإنما قدم الإيمان ها هنا وأخره في الآية لأخرى لأن القصد بذكره إلى التخصيص ها هنا والتعليل ثم { وكان الله بهم عليما } وعيد لهم .
وقوله تعالى : { وماذا عليهم } «ما » رفع بالابتداء ، «ذا » صلة ، و { عليهم } خبر الابتداء ، التقدير : وأي شيء عليهم ؟ ويصح أن تكون «ما » اسماً بانفرادها ، و «ذا » بمعنى «الذي » ابتداء وخبر ، وجواب «لو » في قوله :< ماذا> فهو جواب مقدم .
قال القاضي أبو محمد : وكأن هذا الكلام يقتضي أن الإيمان متعلق بقدرتهم ، ومن فعلهم . ولا يقال لأحد : ما عليك لو فعلت إلا فيما هو مقدور له ، وهذه شبهة للمعتزلة ، والانفصال عنها أن المطلوب إنما هو تكسبهم واجتهادهم وإقبالهم على الإيمان ، وأما الاختراع فالله المنفرد به ، وفي هذا الكلام تفجع ما عليهم ، واستدعاء جميل يقتضي حيطة وإشفاقاً { وكان الله بهم عليماً } إخبار يتضمن وعيداً ، وينبه على سوء تواطئهم ، أي : لا ينفعهم كتم مع علم الله تعالى بهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.