محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَمَاذَا عَلَيۡهِمۡ لَوۡ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِهِمۡ عَلِيمًا} (39)

( وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما39 ) .

( وماذا عليهم لو آمنوا بالله ) أي فلم يرجحوا الخلق عليه ( واليوم الآخر ) بالبعث والجزاء فلم يرجحوا تعظيمهم وحطامهم على ثوابه ( وأنفقوا مما رزقهم الله ) أعطاهم الله من المال ، أي طلبا لرضاه وأجر آخرته .

قال العلامة أبو السعود ، وإنما لم يصرح به تعويلا على التفصيل السابق ، واكتفاء بذكر الإيمان بالله واليوم الآخر . فانه يقتضي أن يكون الإنفاق لابتغاء وجهه تعالى وطلب ثوابه البتة . أي : وما الذي عليهم . أو : وأي تبعة ووبال عليهم في الإيمان بالله والإنفاق في سبيله ؟ وهو توبيخ لهم على الجهل بمكان المنفعة ، والاعتقاد في الشيء بخلاف ما هو عليه ، وتحريض على التفكر / لطلب الجواب . لعله يؤدي بهم إلى العلم بما فيه من الفوائد الجليلة والعوائد الجميلة . وتنبيه على أن المدعو إلى أمر لا ضرر فيه ، ينبغي أن يجيب إليه احتياطا . فكيف إذا كان فيه منافع لا تحصى . وتقديم الإيمان بهما ، لأهميته في نفسه ، ولعدم الاعتداد بالإنفاق بدونه . واما تقديم ( انفاقهم رئاء الناس ) على عدم ايمانهم بهما ، مع كون المؤخر أقبح من المقدم ، فلرعاية المناسبة بين انفاقهم ذلك وبين ما قبله من بخلهم وأمرهم للناس به . انتهى ( وكان الله بهم عليما ) وعيد لهم بالعقاب .