قد تقدم الكلام على نَظِيرتِها ، و " ماذا عليهم " استفهام بمعنى الإنكار .
قال القرطبي : " ما " : في موضع رفع بالابتداء ، و " ذا " خبره ، و " ذا " خبره ، و " ذا " بمعنى الَّذِي ، وهذا يحتمل أن يكُون الكلام قد تَمَّ هنا ، ويجوز أن يكونُ " وماذا " اسماً واحداً ، ويكون المَعنى أي : وأيُّ شيء عليهم في الإيمانِ باللَّهِ ، أو ماذا عَلَيْهم من الوَبَال والعَذَابِ يَوْم القِيَامَة .
ثم استأنف بقوله : { لَوْ آمَنُواْ } ويكُون جَوَابُهَا مَحْذُوفاً ، أي : حصلت لهم السَّعَادة ، ويحتمل أن يَكُون [ تمام ] الكَلاَم ب " لو " ومَا بَعْدَها ، وذلك على جَعْل " لو " مصدريَّة عند من يُثْبِتُ لها ذلك ، أي : وماذا عليهم في الإيمان ، ولا جَواب لها حينئذٍ ، وأجاز ابن عطيَّة{[7909]} أن يَكُون { وَمَاذَا عَلَيْهِمْ } جواباُ ل " لَوْ " ، فإن أراد من جهة المَعْنَى فمُسلَّمٌ{[7910]} وإن أرادَ من جهة الصِّنَاعة فَفَاسِدٌ ؛ لأن الجواب الصِّنَاعي لا يتَقدّم عند البَصْرِيِّين ، وأيضاً فالاستفهام لا يُجَاب ب " لو " ، وأجاز أبُو البَقَاء{[7911]} في " لو " أن تكُون بمعنى " إن " الشَّرطيّة ؛ كما جاء في قوله : { وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ } [ البقرة : 221 ] أي : وأيُّ شيءٍ عليهم إن آمَنُوا .
قال الجبائي{[7912]} : ولو كانوا غَيْرَ قَادِرين ، لم يجز أن يقُول اللَّه ذلِك ؛ كما لا يُقالُ لمن هُو في النَّار مُعَذَّب : ماذا عليهم لَوْ خَرَجُوا مِنْها ، وصَارُوا إلى الجَنَّة ، وكما لا يُقال للجَائِع الذي لا يَقْدِر على الطَّعام : ماذا عَلَيْه لو أكَل .
[ وقال الكعبي ]{[7913]} لا يجوز أن يَمْنَعه القُدْرة ، ثم يَقُول : ماذا عَلَيْه لو آمَنَ ، كما [ لا ] يقال لمن بِه مَرَضٌ : ماذا عليه لَوْ كَانَ صَحِيحاً ، ولا يُقَال للمرأة : ماذا عليها لو كَانَت رَجُلاً ، وللقَبيح : ماذا عَلَيْه لو كان جَمِيلاً كما لا يَحْسُن هذا القَوْل من العَاقِل ، كذلك لا يَحْسُن من اللَّه - تعالى - .
وقال القَاضِي عبد الجَبَّار{[7914]} : لا يُجوز أن يأمر العاقل وكيله بالتَّصَرُّف في الصَّفَقَة{[7915]} ، ويَحْبِسهُ بحيث لا يتمكَّنُ من مُفارقة الحَبْسِ ، ثم يقولُ لَهُ : مَاذَا عليك لو تصَرَّفْت ، وإذا كان من يَذكر مثل هذا الكلام [ سفيهاً ]{[7916]} دل ذلك على أنَّه على اللَّه - تعالى - غير جَائِزٍ واعلم أن مِمَّا تمسَّك به المُعْتَزِلة من المَدْح والذَّمِّ والثَّواب والعِقَاب ، معارضتهم بمسْألة العِلْم والدَّاعِي .
قال ابن الخَطِيب{[7917]} : قد يَحْسُن منه ما من غيره ؛ لأن المُلْك مُلْكُه .
ثم قال : { وَكَانَ اللَّهُ بِهِم عَلِيماً } أي : عليم ببواطنِ الأمُور كما هو عَليمٌ بِظَاهِرِها ، وهذا كالرَّدْع للمكلَّف عن القَبَائح من أفْعال القُلُوبِ ؛ مثل النِّفاق والرِّيَاء والسُّمْعَة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.