ويخبرنا كذلك بما لهم من خصائص الحياة الأخرى :
( فرحين بما آتاهم الله من فضله ) . .
فهم يستقبلون رزق الله بالفرح ؛ لأنهم يدركون أنه " من فضله " عليهم . فهو دليل رضاه وهم قد قتلوا في سبيل الله . فأي شيء يفرحهم إذن أكثر من رزقه الذي يتمثل فيه رضاه ؟
ثم هم مشغولون بمن وراءهم من إخوانهم ؛ وهم مستبشرون لهم ؛ لما علموه من رضى الله عن المؤمنين المجاهدين :
( ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) . ( يستبشرون بنعمة من الله وفضل ، وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين ) .
إنهم لم ينفصلوا من إخوانهم ( الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ) ولم تنقطع بهم صلاتهم . إنهم " أحياء " كذلك معهم ، مستبشرون بما لهم في الدنيا والآخرة . موضع استبشارهم لهم : ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون . .
{ فرحين بما آتاهم الله من فضله } وهو شرف الشهادة والفوز بالحياة الأبدية والقرب من الله تعالى والتمتع بنعيم الجنة . { ويستبشرون } يسرون بالبشارة . بالذين لم يلحقوا بهم } أي بإخوانهم المؤمنين الذين لم يقتلوا فيلحقوا بهم . { من خلفهم } أي الذين من خلفهم زمانا أو رتبة . { ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون } بدل من الذين والمعنى : إنهم يستبشرون بما تبين لهم من أمر الآخرة وحال من تركوا من خلفهم من المؤمنين ، وهو إنهم إذا ماتوا أو قتلوا كانوا أحياء حياة لا يكدرها خوف وقوع محذور ، وحزن فوات محبوب . والآية تدل على أن الإنسان غير الهيكل المحسوس بل هو جوهر مدرك بذاته لا يفنى بخراب البدن ، ولا يتوقف عليه إدراكه وتألمه والتذاذه ، ويؤيد ذلك قوله تعالى في آل فرعون { النار يعرضون عليها } الآية وما روى ابن عباس رضي الله عنهما أنه عليه الصلاة والسلام قال " أرواح الشهداء في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة ، وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل معلقة في ظل العرش " . ومن أنكر ذلك ولم ير الروح إلا ريحا وعرضا قال هم أحياء يوم القيامة ، وإنما وصفوا به في الحال لتحققه ودنوه أو أحياء بالذكر أو بالإيمان . وفيها حث على الجهاد وترغيب في الشهادة وبعث على ازدياد الطاعة وإحماد لمن يتمنى لإخوانه مثل ما أنعم عليه ، وبشرى للمؤمنين بالفلاح .
{ يستبشرون } كرره للتأكيد وليعلق به ما هو بيان لقوله : { ألا خوف عليهم } ويجوز أن يكون الأول بحال إخوانهم وهذا بحال أنفسهم . { بنعمة من الله } ثوابا لأعمالهم . { وفضل } زيادة عليه كقوله تعالى : { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } وتنكيرهما للتعظيم . { وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين } من جملة المستبشر به عطف على فضل . وقرأ الكسائي بالكسر على أنه استئناف معترض دال على أن ذلك أجر لهم على إيمانهم مشعر بأن من لا إيمان له أعماله محبطة وأجوره مضيعة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.