الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَرِحِينَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَيَسۡتَبۡشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمۡ يَلۡحَقُواْ بِهِم مِّنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (170)

أسند عَنْ جابِرٍ قال : " رأَيْتُ الشهداءَ يَخْرجُونَ على رِقَابِ الرجَالِ ، كأنهم رجَالٌ نُوَّمٌ ، حتى إذا أَصَابَتِ المِسْحَاةُ قَدَمَ حمزةَ ( رضي اللَّه عنه ) فانثعبت دَماً " اه .

وقوله سبحانه : { وَيَسْتَبْشِرُونَ بالذين لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم . . . } [ آل عمران :170 ] . معناه : يُسَرُّونَ ، ويَفْرَحُونَ ، وذهَبَ قتادة وغيره إلى أنَّ استبشارهم هو أنهم يقولُونَ : إخواننا الذين تركْنَاهم خَلْفَنَا في الدنيا يُقَاتِلُونَ في سَبيل اللَّه مع نبيِّهم ، فيستشهدُونَ ، فينالُونَ مِنَ الكرامَةِ مِثْلَ ما نِلْنَا نَحْنُ ، فيسرُّون لهم بذلك ، إذْ يحصُلُونَ ( لا خَوْفٌ عليهم ولا هُمْ يَحْزَنُونَ ) وذهب فريقٌ من العلماءِ إلى أَنَّ الإشارة في قوله : { بالذين لَمْ يَلْحَقُواْ } ، إلى جميع المؤمنين الَّذِينَ لم يلحقوا بهم في فَضْل الشهادة ، وذَلك لِمَا عايَنُوا من ثوابِ اللَّهِ ، فهم فَرِحُونَ لأنفسهم بما آتاهم اللَّه مِنْ فضله ، ومُسْتَبْشِرُون للمؤمنين أنَّهم لا خَوْفٌ عليهم ولا هم يَحْزَنُونَ .