فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَرِحِينَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَيَسۡتَبۡشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمۡ يَلۡحَقُواْ بِهِم مِّنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (170)

فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون170 يستبشرون بنعمة من الله وفضل وان الله لا يضيع أجر المؤمنين171 الذين استجابوا لله والرسول من بعدما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم172

( فرحين بما آتاهم الله ) أي ما ساقه إليهم من الكرامة بالشهادة وما صاروا فيه من الحياة وما يصل إليهم من رزق الله سبحانه ، والزلفى من الله والتمتع بالنعيم المخلد عاجلا ( ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ) من إخوانهم الذين تركوهم أحياء في الدنيا على منهج الإيمان والجهاد ، والمراد اللحوق بهم في القتل والشهادة أي بل سيلحقون بهم من بعد ، وقيل المراد لم يلحقوا بهم في الفضل وإن كانوا اهل فضل في الجملة .

وقيل المراد بإخوانهم هنا جميع المسلمين الشهداء وغيرهم ، لأنهم لما عاينوا ثواب الله وحصل لهم اليقين بحقية دين الإسلام استبشروا بذلك لجميع اهل الإسلام الذين هم أحياء لم يموتوا ، وهذا قوي لأن معناه أوسع ، وفائدته أكثر ، واللفظ يحتمله بل هو الظاهر ، وبه قال الزجاج وابن فورك .

( أن لا خوف عليهم ) في الآخرة والخوف غم يلحق الإنسان بما يتوقعه من السوء ( ولا هم يحزنون ) على ما فاتهم من نعيم الدنيا والحزن غم يلحقه من فوات نافع أو حصول ضار ، فمن كانت أعماله مشكورة فلا يخاف العاقبة ومن كان متقلبا في نعمة الله وفضله فلا يحزن أبدا .