والليلة التي تتحدث عنها السورة هي الليلة التي جاء ذكرها في سورة الدخان : ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ، إنا كنا منذرين ، فيها يفرق كل أمر حكيم . أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين . رحمة من ربك إنه هو السميع العليم ) . . والمعروف أنها ليلة من ليالي رمضان ، كما ورد في سورة البقرة : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) . . أي التي بدأ فيها نزول القرآن على قلب الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] ليبلغه إلى الناس . وفي رواية ابن إسحاق أن أول الوحي بمطلع سورة العلق كان في شهر رمضان ، ورسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يتحنث في غار حراء .
وقد ورد في تعيين هذه الليلة آثار كثيرة . بعضها يعين الليلة السابعة والعشرين من رمضان . وبعضها يعين الليلة الواحدة والعشرين . وبعضها يعينها ليلة من الليالي العشر الأخيرة . وبعضها يطلقها في رمضان كله . فهي ليلة من ليالي رمضان على كل حال في أرجح الآثار .
واسمها : ( ليلة القدر ) . . قد يكون معناه التقدير والتدبير . وقد يكون معناه القيمة والمقام . وكلاهما يتفق مع ذلك الحدث الكوني العظيم . حدث القرآن والوحي والرسالة . . وليس أعظم منه ولا أقوم في أحداث هذا الوجود . وليس أدل منه كذلك على التقدير والتدبير في حياة العبيد .
وهي خير من ألف شهر . والعدد لا يفيد التحديد . في مثل هذه المواضع من القرآن . إنما هو يفيد التكثير . والليلة خير من آلاف الشهور في حياة البشر . فكم من آلاف الشهور وآلاف السنين قد انقضت دون أن تترك في الحياة بعض ما تركته هذه الليلة المباركة السعيدة من آثار وتحولات .
كما عظمه بأن أسند نزوله إليه وعظم الوقت الذي أنزل فيه بقوله { وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر } وإنزاله فيها بأن ابتدأ بإنزاله فيها ، أو أنزله جملة من اللوح إلى السماء الدنيا على السفرة ، ثم كان جبريل عليه الصلاة والسلام ينزله على رسول الله صلى الله عليه وسلم نجوما في ثلاث وعشرين سنة . وقيل : المعنى أنزلناه في فضلها ، وهي في أوتار العشر الأخير في رمضان ، ولعلها السابعة منها ، والداعي إلى إخفائها أن يحيي من يريدها ليالي كثيرة . وتسميتها بذلك لشرفها ، أو لتقدير الأمور فيها ، لقوله سبحانه وتعالى : فيها يفرق كل أمر حكيم ، وذكر الألف إما للتكثير أو لما روي أنه صلى الله عليه وسلم ذكر إسرائيليا يلبس السلاح في سبيل الله ألف شهر فعجب المؤمنون ، وتقاصرت إليهم أعمالهم ، فأعطوا ليلة القدر هي خير من مدة ذلك الغازي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.