فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ} (3)

ثم قال : { لَيْلَةُ القدر خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } قال كثير من المفسرين : أي العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، واختار هذا الفراء والزجاج ولك أن الأوقات إنما يفضل بعضها على بعض بما يكون فيها من الخير والنفع ، فلما جعل الله الخير الكثير في ليلة كانت خيراً من ألف شهر لا يكون فيها من الخير والبركة ما في هذه الليلة . وقيل : أراد بقوله ألف شهر جميع الدهر ، لأن العرب تذكر الألف في كثير من الأشياء على طريق المبالغة . وقيل : وجه ذكر الألف الشهر أن العابد كان فيما مضى لا يسمى عابداً حتى يعبد الله ألف شهر ، وذلك ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر ، فجعل الله سبحانه لأمة محمد عبادة ليلة خيراً من عبادة ألف شهر كانوا يعبدونها . وقيل : إنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى أعمار أمته قصيرة ، فخاف أن لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر ، فأعطاه الله ليلة القدر وجعلها خيراً من ألف شهر لسائر الأمم . وقيل : غير ذلك مما لا طائل تحته .

/خ5