تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ} (3)

الآية3 : ثم بين فضلها حين{[23889]} قال : { ليلة القدر خير من ألف شهر } اختلف فيه ، قال بعضهم : إن النبي عليه الصلاة والسلام أري بني أمية على منبره ، فساءه ذلك ، فنزل : { إنا أنزلناه في ليلة القدر } { وما أدراك ما ليلة القدر } { ليلة القدر خير من ألف شهر } أي من ألف شهر يملكها بعدك بنو أمية .

وقال بعضهم : { ليلة القدر خير من ألف شهر } ( أي العمل فيها خير من العمل في ألف شهر }{[23890]} سواها .

وقيل أيضا : ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لأصحابه أن رجلا جاهد ألف شهر في سبيل الله ، فعظم ذلك عليهم ، فنزل قوله : { ليلة القدر خير من ألف شهر } ( البيهقي في الكبرى 4/ 306 )أي العمل فيها خير من جهاد ذلك الرجل في ألف شهر .

ويحتمل أن يكون ذكر ألف شهر على سبيل التمثيل لا على التوقيت ، أي خير من ألف شهر وأكثر ، إذ التقدير قد يكون لبيان العدد نفسه ، وقد يكون لبيان شرف ذلك الشيء وعظمته ، فلا يكون الغرض هو القصر على العدد ، وهو كقوله { إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله } ( التوبة : 80 ) ونحو ذلك .

ثم اختلف في تسمية ليلة القدر ، قال بعضهم : هي ليلة الحكم والقضاء ، فيها يحكم ، ويقضي ما يريد أن يكون في ذلك العام المقبل كقوله : { فيها يفرق كل أمر حكيم } ( الدخان : 4 ) وسميت ليلة القدر لأنها ليلة ومنزلة عند الله لما يوصف الشيء العظيم بالقدر والمنزلة ، أو سميت ليلة مباركة لأنه تنزل فيها البركات والرحمة من الله تعالى على خلقه ، أو سميت مباركة لكثرة ما يعمل فيها من العبادات .


[23889]:في الأصل وم: حيث
[23890]:من م، ساقطة من الأصل