ثم بين فضلها من ثلاثة أوجه : أولها قوله { ليلة القدر خير من ألف شهر } وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر ، قال كثير من المفسرين : أي العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، واختار هذا الفراء والزجاج ، وذلك أن الأوقات إنما يفضل بعضها على بعض بما يكون فيها من الخير والنفع ، فلما جعل الله الخير الكثير في ليلة كانت خيرا من ألف شهر لا يكون فيها من الخير والبركة ما في هذه الليلة .
وقيل : أراد بقوله ألف شهر جميع الدهر ؛ لأن العرب تذكر الألف في كثير من الأشياء على طريق المبالغة ، وقيل : وجه ذكر ألف شهر أن العابد كان فيما مضى لا يسمى عابدا حتى يعبد الله ألف شهر ، فجعل الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم عبادة ليلة خيرا من عبادة ألف شهر كانوا يعبدونها .
وقيل : إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أعمار أمته قصيرة فخاف أن لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر ، فأعطاه الله ليلة القدر ، وجعلها خيرا من ألف شهر لسائر الأمم ، وقيل غير ذلك مما لا طائل تحته .
عن أنس في الآية قال : العمل في ليلة القدر والصدقة والصلاة والزكاة أفضل من ألف شهر ، وعن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ أرى بني أمية على منبره فساءه ذلك ، فنزلت { إنا أعطيناك الكوثر } يا محمد يعني نهر في الجنة ، ونزلت { إنا أنزلناه في ليلة القدر } إلى قوله { ألف شهر } يملكها بعدك بنو أمية ، قال القاسم : فعددنا فإذا هي ألف شهر لا تزيد يوما ولا تنقص يوما " ، والمراد بالقاسم هو القاسم بن الفضل المذكور في إسناده ، أخرجه الترمذي - وضعفه - وابن جرير والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي .
قال الترمذي : إن يوسف هذا مجهول - يعني يوسف بن سعد الذي رواه عن الحسن بن علي- قال ابن كثير : فيه نظر ، قد روى عنه جماعة منهم حماد بن سلمة الحذاء ، ويونس بن عبيد ، وقال فيه يحيى بن معين : هو مشهور ، وفي رواية عنه هو ثقة ، ورواه ابن جرير من طريق القاسم بن الفضل ، عن عيسى بن مازن .
قال ابن كثير : ثم هذا الحديث على كل تقدير منكر جدا ، قال المزني : هو حديث منكر .
وقول القاسم بن الفضل : إنه حسب مدة بني أمية فوجدها ألف شهر إلخ ليس بصحيح ، فإن جملة مدتهم من عند أن استقل بالملك معاوية - وهي سنة أربعين - إلى أن سلبهم الملك بنو العباس ، وهي سنة اثنتين وثلاثين ومائة مجموعها اثنتان وتسعون سنة ، وعن ابن عباس نحو ما روي عن الحسن بن علي ، وعن سعيد بن المسيب مرفوعا مرسلا نحوه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.