المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَرَفَعۡنَٰهُ مَكَانًا عَلِيًّا} (57)

57- وقد رفعه الله بذلك مكاناً سامياً .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَرَفَعۡنَٰهُ مَكَانًا عَلِيًّا} (57)

والقرآن يصفه بأنه كان صديقا نبيا ويسجل له أن الله رفعه مكانا عليا . فأعلى قدره ورفع ذكره . .

وهناك رأي نذكره لمجرد الاستئناس به ولا نقرره أو ننفيه ، يقول به بعض الباحثين في الآثار المصرية ، وهو أن إدريس تعريب لكلمة " أوزريس " المصرية القديمة . كما أن يحيى تعريب لكلمة يوحنا . وكلمة اليسع تعريب لكلمة إليشع . . وأنه هو الذي صيغت حوله أساطير كثيرة . فهم يعتقدون أنه صعد إلى السماء وصار له فيها عرش عظيم . وكل من وزنت أعماله بعد الموت فوجدت حسناته ترجح سيئاته فإنه يلحق بأوزريس الذي جعلوه إلها لهم . وقد علمهم العلوم والمعارف قبل صعوده إلى السماء .

وعلى أية حال فنحن نكتفي بما جاء عنه في القرآن الكريم ؛ ونرجح أنه سابق على أنبياء بني إسرائيل .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَرَفَعۡنَٰهُ مَكَانًا عَلِيًّا} (57)

وهذا{[18906]} ذكر إدريس ، عليه السلام ، بالثناء عليه ، بأنه{[18907]} كان صديقًا نبيًّا ، وأن الله رفعه مكانًا عليًّا . وقد تقدم في الصحيح : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به في ليلة الإسراء وهو في السماء الرابعة .

وقد روى ابن جرير هاهنا أثرًا غريبًا عجيبًا ، فقال : حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني جرير بن حازم ، عن سليمان الأعمش ، عن شَمِر بن عطية ، عن هلال بن يساف قال : سأل ابن عباس كعبًا ، وأنا حاضر ، فقال له : ما قول الله - عز وجل - لإدريس : { وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا } فقال كعب : أما إدريس فإن الله أوحى إليه أني أرفع لك كل يوم مثل عمل جميع بني آدم ، فأحب أن يزداد عملا{[18908]} فأتاه خليل له من الملائكة فقال : إن الله أوحى إليّ كذا وكذا ، فكلم لي{[18909]} ملك الموت ، فَلْيؤخرني حتى أزداد عملا فحمله بين جناحيه ، حتى صعد به إلى السماء ، فلما كان في السماء الرابعة تلقاهم مَلَك الموت منحدرًا ، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس ، فقال : وأين إدريس ؟ فقال : هو ذا على ظهري . قال ملك الموت : فالعجب ! بعثت وقيل لي : اقبض روح إدريس في السماء الرابعة " . فجعلت أقول : كيف{[18910]} أقبض روحه في السماء الرابعة ، وهو في الأرض ؟ فقبض روحه هناك ، فذلك{[18911]} قول الله : { وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا }{[18912]} .

هذا من أخبار كعب الأحبار الإسرائيليات ، وفي بعضه نكارة ، والله أعلم .

وقد رواه{[18913]} ابن أبي حاتم من وجه آخر ، عن ابن عباس : أنه سأل كعبًا ، فذكر نحو ما تقدم ، غير أنه قال لذلك الملك : هل لك أن تسأله - يعني : ملك الموت - كم بقي من أجلي لكي أزداد من العمل وذكر باقيه{[18914]} ، وفيه : أنه لما سأله عما بقي من أجله ، قال{[18915]} : لا أدري حتى أنظر ، ثم نظر ، قال : إنك تسألني{[18916]} عن رجل ما بقي من عمره إلا طرفة عين ، فنظر الملك{[18917]} تحت جناحه إلى إدريس ، فإذا{[18918]} هو قد قبض ، عليه السلام ، وهو لا يشعر به .

ثم رواه من وجه آخر عن ابن عباس : أن إدريس كان خياطًا ، فكان{[18919]} لا يغرز إبرة إلا قال : " سبحان الله " ، فكان يمسي حين يمسي{[18920]} وليس في الأرض أحد أفضل عملا منه . وذكر بقيته كالذي قبله ، أو نحوه .

وقال ابن أبي نَجِيح ، عن مجاهد في قوله : { وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا } قال : إدريس رفع ولم يمت ، كما رفع عيسى .

وقال سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد : { وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا } قال : [ رفع إلى ]{[18921]} السماء الرابعة .

وقال العوفي عن ابن عباس : { وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا } قال : رفع إلى السماء السادسة فمات بها . وهكذا قال الضحاك بن مُزَاحم .

وقال الحسن ، وغيره ، في قوله : { وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا } قال : الجنة .


[18906]:في ت: "وهكذا".
[18907]:في أ: "فإنه".
[18908]:في ف، أ: "تزداد علما".
[18909]:في ت: "له".
[18910]:في ف: "فكيف".
[18911]:في ف: "فهذا".
[18912]:تفسير الطبري (16/72).
[18913]:في أ: "وقد روى".
[18914]:في أ: "وذكر ما فيه".
[18915]:في ف، أ: "فقال".
[18916]:في ف، أ: "لتسألني".
[18917]:في أ: "ملك الموت".
[18918]:في ت: "قال".
[18919]:في ف: "وكان".
[18920]:في أ: "وكان يمشي حين يمشي".
[18921]:زيادة من ف، أ.

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَرَفَعۡنَٰهُ مَكَانًا عَلِيًّا} (57)

ورفعناه مكانا عليا يعني شرف النبوة والزلفى عند الله . وقيل الجنة . وقيل السماء السادسة أو الرابعة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَرَفَعۡنَٰهُ مَكَانًا عَلِيًّا} (57)

قوله { ورفعناه مكاناً علياً وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } قال جماعة من المفسرين هو رفع مجازي . والمراد : رفع المنزلة ، لما أوتيه من العلم الذي فاق به على من سلفه . ونقل هذا عن الحسن . وقال به أبو مسلم الأصفهاني . وقال جماعة : هو رفع حقيقي إلى السماء ، وفي الإصحاح الخامس من سفر التكوين « وسار أخنوخ مع الله ولم يُوجد لأنّ الله أخذه » ، وعلى هذا فرفعه مثل رفع عيسى عليه السلام . والأظهر أن ذلك بعد نزع روحه وروْحنة جثته . ومما يذكر عنه أنّه بقي ثلاث عشرة سنة لا ينام ولا يأكل حتى تَرَوْحَن ، فرفع . وأما حديث الإسراء فلا حجة فيه لهذا القول لأنه ذكر فيه عدة أنبياء غيره وجدوا في السماوات . ووقع في حديث مالك بن صعصعة عن الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماوات أنه وجد إدريس عليه السلام في السماء وأنه لمّا سلّم عليه قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح . فأخذ منه أنّ إدريس عليه السلام لم تكن له ولادةٌ على النبي صلى الله عليه وسلم لأنّه لم يقل له والابن الصالح ، ولا دليل في ذلك لأنه قد يكون قال ذلك اعتباراً بأخوّة التوحيد فرجحها على صلة النسب فكان ذلك من حكمته .

على أنّه يجوز أن يكون ذلك سهواً من الراوي فإن تلك الكلمة لم تثبت في حديث جابر بن عبدالله في « صحيح البخاري » . وقد جزم البخاري في أحاديث الأنبياء بأن إدريس جد نوح أو جدّ أبيه . وذلك يدلّ على أنّه لم ير في قوله « مرحباً بالأخ الصالح » ما يُنافي أن يكون أباً للنبيء صلى الله عليه وسلم .