الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَرَفَعۡنَٰهُ مَكَانًا عَلِيًّا} (57)

ثم قال : { ورفعناه مكانا عليا } قال كعب : أوحى الله إليه أني أرفع لك كل يوم مثل عمل بني آدم ، فأحب أن يزداد عملا فأتاه خليل له من الملائكة ، فقال : إن الله أوحى إلي كذا وكذا ، فكلم لي ملك الموت فيؤخرني حتى أزداد عملا ، فحمله بين جناحيه ثم{[44388]} صعد به إلى السماء ، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه{[44389]} ملك الموت منحدرا ، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس فقال : وأين إدريس ؟ فقال هو ذا على ظهري . فقال ملك الموت : فالعجب ، بعثت ، وقيل لي{[44390]} : اقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض ، فجعلت أقول : كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض . فقبض روحه هناك ، فذلك قوله { ورفعناه مكانا عليا }{[44391]} .

وقيل : إن الله جل ذكره جعله في السماء الرابعة قاضيا كالملك{[44392]} في وسط ملكه وجعل خزائن السموات بيده .

وقيل{[44393]} : رفع إلى السماء السادسة .

وقال مجاهد : رفع إدريس ولم يمت كما رفع عيسى{[44394]} .

وقال{[44395]} مجاهد وقتادة : رفع إلى السماء الرابعة{[44396]} .

وروي قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما عرج به{[44397]} إلى السماء ، قال : ( أتيت على إدريس في السماء الرابعة ){[44398]} .

وقيل{[44399]} : { مكانا عليا } عنى{[44400]} به في النبوة والعلم .

وسأل{[44401]} ابن عباس كعبا عن إدريس وما يجد{[44402]} من خبره في التوراة فقال : إن في كتاب الله أن إدريس كان يعرج بعمله{[44403]} إلى السماء ، فيعدل عمله عمل{[44404]} جميع أهل الأرض . فاستأذن فيه ملك من الملائكة{[44405]} أن يؤاخيه ، فأذن الله له أن يؤاخيه ، فسأله إدريس . أي أخي ، هل بين وبين ملك الموت إخاء ؟ قال : نعم ، ذلك أخي دون الملائكة ، وهم متآخون كما يتآخى{[44406]} بنو آدم فقال : هل لك أن تسأله كم بقي من عمري لكي أزداد في العمل ؟ {[44407]} .

قال إن شئت سألته وأنت تسمع . قال : فحمله الملك تحت جناحيه حتى صعد به إلى السماء [ فقال لملك الموت ]{[44408]} أي أخي ، كم بقي من أجل إدريس ؟ فقال{[44409]} : ما أدري حتى أنظره قال{[44410]} : فنظر فقال : إنك تسألني{[44411]} عن رجل ما بقي من أجله إلا طرفة عين . فنظر الملك تحت جناحيه ، فإذا إدريس قد قبض وهو لا يشعر{[44412]} . ذكر ذلك ابن وهب .

وروى ابن وهب أيضا عن عبد الله بن عمرو بن العاص{[44413]} أنه قال : إن إدريس أقدم من نوح ، بعثه الله إلى قومه فأمرهم أن يقولوا : لا إله إلا الله ويعملوا بما شاءوا{[44414]} فأبوا ، فأهلكهم الله .

وروى أن إدريس سار{[44415]} ذات يوم في حاجته فأدركه وهج الشمس فقال : يا رب ، إني مشيت في الشمس يوما ، فآذاني حرها ، فكيف بمن يحملها مسيرة خمس مائة عام في يوم واحد ، اللهم خفف عن من يحملها ، واحمل عنه حرها . فلما أصبح الملك ، وجد خفة فسأل الله عن ذلك ، فأعلمه{[44416]} أن إدريس دعا له في ذلك ، فسأل الله أن يجمع بينه وبينه ، وأن يجعل بينه وبينه خلة ، فأذن الله له في ذلك{[44417]} .


[44388]:ز: حتى.
[44389]:ز: تلقي.
[44390]:لي سقطت من ز.
[44391]:انظر: جامع البيان 16/96. وقال الحافظ ابن كثير عن هذا الخبر: (هذا من أخبار كعب الأحبار الإسرائيليات، وفي بعضه نكارة والله أعلم. انظر: تفسير ابن كثير 3/126.
[44392]:(في) سقطت من ز.
[44393]:القول لابن عباس في جامع البيان 16/96 وفيه زيادة (فما مات).
[44394]:انظر: جامع البيان 146/96 وتفسير ابن كثير 3/126 والدر المنثور 4/274.
[44395]:ز: قال بإسقاط الواو.
[44396]:انظر: جامع البيان 16/97 وتفسير القرطبي 11/117 والدر المنثور 4/274.
[44397]:ز: بي.
[44398]:انظر: مسند الإمام أحمد 3/260 ومستدرك الحاكم 2/549.
[44399]:وهو قول الزجاج في معاني القرآن 3/335.
[44400]:(عنى) سقطت من ز.
[44401]:ز: قال (تحريف).
[44402]:ز: تجده (تحريف).
[44403]:بعمله سقطت من ز.
[44404]:ز: على (تحريف).
[44405]:ز: ملك الموت (تحريف).
[44406]:ع: (يتواخون) والتصحيح من ز.
[44407]:ز: العمل عملا.
[44408]:زيادة من ز.
[44409]:ز: قال بإسقاط الفاء.
[44410]:ز: فقال.
[44411]:ز: سألتني.
[44412]:انظر: زاد المسير 5/243 والدر المنثور 4/274.
[44413]:هو عبد الله بن عمرو بن العاص. بن وائل بن هشام. ويكنى أبا عبد الرحمن، أسلم قبل أبيه (ت 65 هـ) انظر: ترجمته في: الاستيعاب 3/956 والإصابة 4/111.
[44414]:كذا في النسختين، وفي الدر المنثور 4/273: (بما شاء).
[44415]:ز: سار.
[44416]:ز: فاعلمه الله.
[44417]:الأثر لابن عباس في زاد المسير 5/243 وتفسير القرطبي 1/118.