ثم قال : { ورفعناه مكانا عليا } قال كعب : أوحى الله إليه أني أرفع لك كل يوم مثل عمل بني آدم ، فأحب أن يزداد عملا فأتاه خليل له من الملائكة ، فقال : إن الله أوحى إلي كذا وكذا ، فكلم لي ملك الموت فيؤخرني حتى أزداد عملا ، فحمله بين جناحيه ثم{[44388]} صعد به إلى السماء ، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه{[44389]} ملك الموت منحدرا ، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس فقال : وأين إدريس ؟ فقال هو ذا على ظهري . فقال ملك الموت : فالعجب ، بعثت ، وقيل لي{[44390]} : اقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض ، فجعلت أقول : كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض . فقبض روحه هناك ، فذلك قوله { ورفعناه مكانا عليا }{[44391]} .
وقيل : إن الله جل ذكره جعله في السماء الرابعة قاضيا كالملك{[44392]} في وسط ملكه وجعل خزائن السموات بيده .
وقيل{[44393]} : رفع إلى السماء السادسة .
وقال مجاهد : رفع إدريس ولم يمت كما رفع عيسى{[44394]} .
وقال{[44395]} مجاهد وقتادة : رفع إلى السماء الرابعة{[44396]} .
وروي قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما عرج به{[44397]} إلى السماء ، قال : ( أتيت على إدريس في السماء الرابعة ){[44398]} .
وقيل{[44399]} : { مكانا عليا } عنى{[44400]} به في النبوة والعلم .
وسأل{[44401]} ابن عباس كعبا عن إدريس وما يجد{[44402]} من خبره في التوراة فقال : إن في كتاب الله أن إدريس كان يعرج بعمله{[44403]} إلى السماء ، فيعدل عمله عمل{[44404]} جميع أهل الأرض . فاستأذن فيه ملك من الملائكة{[44405]} أن يؤاخيه ، فأذن الله له أن يؤاخيه ، فسأله إدريس . أي أخي ، هل بين وبين ملك الموت إخاء ؟ قال : نعم ، ذلك أخي دون الملائكة ، وهم متآخون كما يتآخى{[44406]} بنو آدم فقال : هل لك أن تسأله كم بقي من عمري لكي أزداد في العمل ؟ {[44407]} .
قال إن شئت سألته وأنت تسمع . قال : فحمله الملك تحت جناحيه حتى صعد به إلى السماء [ فقال لملك الموت ]{[44408]} أي أخي ، كم بقي من أجل إدريس ؟ فقال{[44409]} : ما أدري حتى أنظره قال{[44410]} : فنظر فقال : إنك تسألني{[44411]} عن رجل ما بقي من أجله إلا طرفة عين . فنظر الملك تحت جناحيه ، فإذا إدريس قد قبض وهو لا يشعر{[44412]} . ذكر ذلك ابن وهب .
وروى ابن وهب أيضا عن عبد الله بن عمرو بن العاص{[44413]} أنه قال : إن إدريس أقدم من نوح ، بعثه الله إلى قومه فأمرهم أن يقولوا : لا إله إلا الله ويعملوا بما شاءوا{[44414]} فأبوا ، فأهلكهم الله .
وروى أن إدريس سار{[44415]} ذات يوم في حاجته فأدركه وهج الشمس فقال : يا رب ، إني مشيت في الشمس يوما ، فآذاني حرها ، فكيف بمن يحملها مسيرة خمس مائة عام في يوم واحد ، اللهم خفف عن من يحملها ، واحمل عنه حرها . فلما أصبح الملك ، وجد خفة فسأل الله عن ذلك ، فأعلمه{[44416]} أن إدريس دعا له في ذلك ، فسأل الله أن يجمع بينه وبينه ، وأن يجعل بينه وبينه خلة ، فأذن الله له في ذلك{[44417]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.