فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَرَفَعۡنَٰهُ مَكَانًا عَلِيًّا} (57)

{ ورفعناه مكانا عليا } فقيل إن الله رفعه إلى السماء الرابعة . وقيل إلى السادسة وقيل إلى الثانية . وقد روى البخاري في صححيه من حديث الإسراء ، وفيه : " ومنهم إدريس في الثانية " {[1163]} وهو غلط من رواية شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، والصحيح : " أنه في السماء الرابعة " كما رواه مسلم في صححيه من حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم{[1164]} .

وقيل إن المراد برفعه ما أعطيه من شرف النبوة والزلفى عند الله ، وقيل إنه رفع إلى الجنة . وقيل هو الرفعة بعلو المرتبة في الدنيا والأول أصح ؛ عن ابن عباس قال : كان إدريس خياطا ، وكان لا يغرز غرزة إلا قال سبحان الله ؛ وكان يمسي حين يمسي وليس على الأرض أفضل عملا منه ، فاستأذن ملك من الملائكة ربه فقال يا رب ائذن لي فأهبط إلى إدريس ، فأذن له ، فأتى إدريس فقال : إني جئتك لأخدمك ، قال كيف تخدمني وأنت ملك وأنا إنسان ، ثم قال إدريس هل بينك وبين ملك الموت شيء ؟ قال الملك : ذاك أخي من الملائكة ، قال هل تستطيع أن تنفعني ؟ قال أما نؤخر شيء أو نقدمه فلا ، ولكن سأكلمه لك فيرفق بك عند الموت ، فقال اركب بين جناحي ، فركب إدريس فصعد إلى السماء العليا فلقي ملك الموت وإدريس بين جناحيه ، فقال له الملك : إن لي إليك حاجة قال علمت حاجتك ، تكلمني في إدريس وقد محي اسمه من الصحيفة فلم يبقى من أجله إلا نصف طرفة عين ، فمات إدريس بين جناحي ملك أخرجه ابن أبي حاتم ، وعنه سألت كعبا فذكر نحوه فهذا هو من الإسرائيليات التي يرويها كعب . وعنه قال رفع إدريس إلى السماء السادسة .

وأخرج الترمذي وصححه وابن المنذر وابن مردويه قال : حدثنا أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لما عرج بي رأيت إدريس في السماء الرابعة{[1165]} . .

وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري مرفوعا نحوه ، وعن مجاهد قال : رفع إدريس كما رفع عيسى ولم يمت . وعن ابن مسعود قال : إدريس هو إلياس ، وحسنه السيوطي


[1163]:البخاري 1684.
[1164]:مسام 162.
[1165]:الترمذي تفسير سورة 19-الإمام أحمد3/260.