{ وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } يعني الجنة .
وقال الضّحاك : رفع إلى السماء السادسة ، وقيل : الرابعة .
أخبرنا عبد الله بن حامد الأصبهاني وشعيب بن محمد البيهقي قالا : أخبرنا مكي بن عبدان التميمي قال : حدَّثنا أحمد بن الأزهر قال : حدَّثنا روح قال : حدَّثنا سعيد عن قتادة في قوله { وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } قال : حدَّثنا أنس بن مالك بن صعصعة " أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما عرج به إلى السماء قال : أتيت على إدريس في السماء : الرابعة " .
وكان سبب رفعه على ما قاله ابن عباس وكعب وغيرهما أنّه سار ذات يوم في حاجة فأصابه وهج الشمس فقال : يا ربّ أنا مشيت يوماً فكيف بمن يحملها خمسمائة عام في يوم واحد ؟ اللهمّ خفّف عنه من ثقلها واحمل عنه حرّها ، فلمّا أصبح الملك وجد من خفّة الشمس وحرّها ما لا يعرف ، فقال : يا ربّ خلقتني لحمل الشمس فما الذي قضيت فيه ؟ قال : أما إنّ عبدي إدريس سألني أن اخفّف عنك حملها وحرّها فأجبته ، فقال : يا ربّ اجمع بيني وبينه واجعل بيني وبينه خلّة ، فأذن له حتى أتى إدريس وكان يسأله إدريس فكان ممّا سأله أن قال له : أُخبرت أنّك أكرم الملائكة وأمكنهم عند ملك الموت فاشفع لي إليه ليؤخر أجلي فازداد شكراً وعبادة ، فقال الملك : لا يؤخّر الله نفساً إذا جاء أجلها قال : قد علمت ذلك ولكنه أطيب لنفسي ، فقال : نعم أنا مكلّمه لك فما كان يستطيع أن يفعل لأحد من بني آدم فهو فاعله لك ، ثم حمله ملك الشمس على جناحه فرفعه إلى السماء ووضعه عند مطلع الشمس ، ثمّ أتى ملك الموت فقال : حاجة لي إليك ، فقال : أفعل كلّ شيء أستطيعه قال : صديق لي من بني آدم تشفّع بي إليك لتؤخّر أجله قال : ليس ذلك إليّ ولكن إن أحببت أعلمته أجله متى يموت فيقدّم في نفسه ، قال : نعم ، فنظر في ديوانه وأخبر باسمه فقال : إنك كلّمتني في إنسان ما أراه يموت أبداً ، قال : وكيف ؟ قال : لا أجده يموت إلا عند مطلع الشمس ، قال : إنّي اتيتك وتركته هناك ، قال : انطلق فما أراك تجده إلاّ وقد مات ، فوالله ما بقي من أجل إدريس شيء ، فرجع الملك فوجده ميّتاً
وقال وهب : كان يرفع لإدريس كلّ يوم من العبادة مثل ما يرفع لجميع أهل الأرض في زمانه ، فعجبت منه الملائكة واشتاق إليه ملك الموت فاستأذن ربّه في زيارته فأذن له فأتاه في صورة بني آدم ، وكان إدريس صائماً يصوم الدهر ، فلّما كان وقت إفطاره دعاه إلى طعامه فأبى أن يأكل معه ففعل ذلك ثلاث ليال فأنكره إدريس فقال له الليلة الثالثة : إنىّ أُريد أن أعلم من أنت ، قال : أنا ملك الموت استأذنت ربي أن أصحبك فأَذن لي ، قال : فلي إليك حاجة ، قال : وما هي ؟ قال : تقبض روحي ، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه أن اقبض روحه ، فقبض روحه وردّها الله عليه بعد ساعة .
قال له ملك الموت : ما الفائدة في سؤالك قبض الروح ؟ قال : لأذوق كرب الموت وغمّته فأكون له أشدّ استعداداً ، ثم قال إدريس له : لي إليك حاجة أُخرى ، قال : وما هي ؟ قال : ترفعني إلى السماء لأنظر إليها وإلى الجّنة وإلى النار ، فأذن الله له في رفعه إلى السماوات ، فلمّا قرب من النار قال : حاجة قال : وما تريد ؟ قال : تسأل مالكاً حتى يفتح لي بابها فأردها ، ففعل ثمّ قال : فكما أريتني النار فأرني الجّنة ، فذهب به إلى الجنة فاستفتح ففتحت أبوابها فأدخله الجنّة ، ثم قال له ملك الموت : اخرج لتعود إلى مقرّك فتعلّق بشجرة وقال : لا أخرج منها ، فبعث الله ملكاً حكماً بينهما ينظر في قولهما فقال له الملك : ما لك لا تخرج ؟ قال : لأن الله تعالى قال :
{ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ } [ آل عمران : 185 ] وقد ذقته ، وقال { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } [ مريم : 71 ] وقد وردتها ، وقال
{ وَمَا هُمْ مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ } [ الحجر : 48 ] فلست أخرج ، فأوحى الله سبحانه إلى ملك الموت : دخل الجنة وبأمري يخرج ، فهو حيّ هناك فذلك قوله : { وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.