{ ورفعناه } جزاء منا له على تقواه وإحسانه ، {[48400]}رفعة تليق بعظمتنا ، فأحللناه{[48401]} { مكاناً علياً * } أي الجنة أو السماء الرابعة ، وهي التي رآه النبي صلى الله عليه وسلم بها ليلة الإسراء ؛ قال ابن قتيبة في المعارف{[48402]} : وفي التوراة أن أخنوخ{[48403]} أحسن قدام الله فرفعه{[48404]} إليه - انتهى . وفي نسخة ترجمة التوراة{[48405]} {[48406]}وهي قديمة جداً{[48407]} وقابلتها مع بعض فضلاء الربانيين من اليهود وعلى ترجمة سعيد الفيومي{[48408]} بالمعنى وكان هو القارئ{[48409]} ما نصه : وكانت جميع حياة حنوخ ثلاثمائة وخمساً وستين سنة{[48410]} ، فأرضى حنوخ الله ففقد لأن الله غيبه ، وفي نسخة أخرى{[48411]} : لأن الله قبله ، وفي أخرى : لأن الله أخذه . وهو قريب مما قال ابن قتيبة ، لأن أصل الكلام عبراني ، وإنما نقله إلى العربي المترجمون ، فكل ترجم على قدر فهمه من ذلك اللسان ، ويؤيد أن المراد الجنة ما{[48412]} في مجمع الزوائد{[48413]} للحافظ نور الدين الهيثمي عن معجمي الطبراني - الأوسط والأصغر إن لم يكن موضوعاً : حدثنا محمد بن واسط ثنا إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي ثنا حجاج بن محمد عن أبي غسان محمد بن مطرف عن زيد ابن أسلم عن عبيد الله بن أبي رافع عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" إن إدريس عليه السلام كان صديقاً لملك الموت فسأله أن يريه الجنة والنار ، فصعد بإدريس فأراه النار ففزع منها ، وكاد يغشى عليه فالتف عليه ملك الموت بجناحه ، فقال ملك الموت : أليس قد رأيتها ؟ قال : بلى ! ولم أر كاليوم قط ، ثم انطلق به حتى أراه الجنة فدخلها فقال له ملك الموت : انطلق ! قد رأيتها ، قال : إلى أين ؟ قال ملك الموت{[48414]} : حيث كنت ، قال إدريس : لا والله ! لا أخرج منها بعد إذ دخلتها ، فقيل لملك الموت : أليس أنت أدخلته إياها{[48415]} وأنه ليس لأحد دخلها أن يخرج منها " .
وقال : لا يروى عن أم سلمة إلا بهذا الإسناد ، وقال الحافظ نور الدين : إبراهيم المصيصي متروك . قلت وفي لسان الميزان{[48416]} لتلميذه شيخنا حافظ العصر ابن حجر عن الذهبي أنه كذاب ، وعن ابن حبان أنه كان يسوي الحديث ، أي يدلس تدليس التسوية . وفي تفسير البغوي{[48417]} عن وهب قريب من هذا ، وفيه أنه سأل ملك الموت أن يقبض روحه ويردها إليه بعد ساعة ، فأوحى الله إليه أن يفعل ، وفيه أنه احتج في امتناعه من الخروج بأن كل نفس ذائقة الموت وقد ذاقه ، وأنه لا بد من ورود النار{[48418]} وقد وردها ، وأنه ليس أحد يخرج من الجنة ، فأوحى الله إلى ملك الموت : بإذني دخل الجنة - يعني : فخلِّ سبيله - فهو حي هناك . وفي تفسير البغوي{[48419]} أيضاً عن كعب وغيره أن إدريس عليه السلام مشى ذات يوم في حاجة فأصابه وهج الشمس فقال : يا رب ! فكيف بمن يحملها ؟ اللهم ! خفف عنه{[48420]} من ثقلها ، فخفف عنه فسأل{[48421]} ربه عن السبب فأخبره فسأل أن يكون بينهما خلة ، فأتاه فسأله إدريس عليه السلام أن يسأل ملك الموت{[48422]} أن يؤخر أجله ، فقال{[48423]} : لا يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها ، وأنا مكلمه ، فرفع إدريس عليه السلام فوضعه عند مطلع الشمس ، ثم أتى ملك الموت وكلمه فقال : ليس ذلك إليّ ، ولكن إن{[48424]} أحببت أعلمته أجله {[48425]}فيتقدم في نفسه{[48426]} ، قال : نعم ! فنظر في ديوانه فقال : إنك كلمتني في إنسان ما أراه يموت أبداً ، قال : وكيف ذلك{[48427]} ؟ قال : لا أجده يموت إلا عند مطلع الشمس ، قال : فإني أتيتك وتركته{[48428]} هناك ، قال : انطلق فلا أراك تجده إلا و{[48429]}قد مات ، فوالله ما بقي من أجل إدريس - عليه السلام - شيء ، فرجع الملك{[48430]} فوجده ميتاً . ومن جيد المناسبات أن إسماعيل وإدرس عليهما الصلاة والسلام اشتركا في البيان بالعلم واللسان ، فإسماعيل عليه السلام أول من أجاد البيان باللسان ، وإدريس عليه السلام أول{[48431]} من أعرب الخطاب بالكتاب ، فقد روى الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أول من فتق لسانه بهذه العربية إسماعيل عليه السلام{[48432]} "
ولأحمد عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أول من خط بالقلم إدريس عليه السلام{[48433]} " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.