المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِلَّا تَنفِرُواْ يُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَيَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيۡـٔٗاۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (39)

39- إن لم تستجيبوا للرسول ، فتخرجوا للجهاد في سبيل الله ، يعذبكم الله عذاباً موجعاً . ويستبدل ربكم بكم قوماً آخرين يستجيبون للرسول ولا يتخلفون عن الجهاد ، ولا تضرون الله بهذا التخلف شيئاً ، والله عظيم القدرة على كل شيء .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِلَّا تَنفِرُواْ يُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَيَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيۡـٔٗاۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (39)

38

ومن ثم يتوجه الخطاب إليهم بالتهديد :

( إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ، ولا تضروه شيئاً ، واللّه على كل شيء قدير ) . .

والخطاب لقوم معينين في موقف معين . ولكنه عام في مدلوله لكل ذوي عقيدة في اللّه . والعذاب الذي يتهددهم ليس عذاب الآخرة وحده ، فهو كذلك عذاب الدنيا . عذاب الذلة التي تصيب القاعدين عن الجهاد والكفاح ، والغلبة عليهم للأعداء ، والحرمان من الخيرات واستغلالها للمعادين ؛ وهم مع ذلك كله يخسرون من النفوس والأموال أضعاف ما يخسرون في الكفاح والجهاد ؛ ويقدمون على مذبح الذل أضعاف ما تتطلبه منهم الكرامة لو قدموا لها الفداء . وما من أمة تركت الجهاد إلا ضرب اللّه عليها الذل ، فدفعت مرغمة صاغرة لأعدائها أضعاف ما كان يتطلبه منها كفاح الأعداء . .

( ويستبدل قوماً غيركم ) . .

يقومون على العقيدة ، ويؤدون ثمن العزة ، ويستعلون على أعداء اللّه :

( ولا تضروه شيئاً ) . .

ولا يقام لكم وزن ، ولا تقدمون أو تؤخرون في الحساب !

( واللّه على كل شيء قدير ) . .

لا يعجزه أن يذهب بكم ، ويستبدل قوماً غيركم ، ويغفلكم من التقدير والحساب !

إن الاستعلاء على ثقلة الأرض وعلى ضعف النفس ، إثبات للوجود الإنساني الكريم . فهو حياة بالمعنى العلوي للحياة : وإن التثاقل إلى الأرض والاستسلام للخوف إعدام للوجود الإنساني الكريم . فهو فناء في ميزان اللّه وفي حساب الروح المميزة للإنسان .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِلَّا تَنفِرُواْ يُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَيَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيۡـٔٗاۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (39)

ثم توعد تعالى على ترك الجهاد فقال : { إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } قال ابن عباس : استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا من العرب ، فتثاقلوا عنه ، فأمسك الله عنهم القَطْر فكان عذابهم .

{ وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ } أي : لنصرة نبيه وإقامة دينه ، كما قال تعالى : { إِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ } [ محمد : 38 ] .

{ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا } أي : ولا تضروا الله شيئًا بتوليكم عن الجهاد ، ونُكُولكم وتثاقلكم عنه ، { وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي : قادر على الانتصار من الأعداء بدونكم .

وقد قيل : إن هذه الآية ، وقوله : { انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا } وقوله { مَا كَانَ لأهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ } [ التوبة : 120 ] إنهن منسوخات بقوله تعالى : { وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ } [ التوبة : 122 ] رُوي هذا عن ابن عباس ، وعِكْرِمة ، والحسن ، وزيد بن أسلم . ورده{[13510]} ابن جرير وقال : إنما هذا فيمن دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجهاد ، فتعين عليهم ذلك ، فلو تركوه لعوقبوا عليه .

وهذا له اتجاه ، والله [ سبحانه و ]{[13511]} تعالى أعلم [ بالصواب ]{[13512]}


[13510]:- في أ : "ورواه".
[13511]:- زيادة من ت ، أ.
[13512]:- زيادة من ت ، أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِلَّا تَنفِرُواْ يُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَيَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيۡـٔٗاۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (39)

{ إلا تنفروا } إن لا تنفروا إلى ما استنفرتم إليه . { يعذّبكم عذابا أليما } بالإهلاك بسبب فظيع كقحط وظهور عدو . { ويستبدل قوما غيركم } ويستبدل بكم آخرين مطيعين كأهل اليمن وأبناء فارس . { ولا تضرّوه شيئا } إذ لا يقدح تثاقلكم في نصر دينه شيئا فإنه الغني عن كل شيء وفي كل أمر . وقيل الضمير للرسول صلى الله عليه وسلم أي ولا تضروه فإن الله سبحانه وتعالى وعد له بالعصمة والنصرة ووعده حق . { والله على كل شيء قدير } فيقدر على التبديل وتغيير الأسباب والنصرة بلا مدد .