إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِلَّا تَنفِرُواْ يُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَيَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيۡـٔٗاۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (39)

{ إِلاَّ تَنفِرُواْ } أي إن لا تنفِروا إلى ما استُنفرتم إليه { يُعَذّبُكُم } أي الله عز وجل { عَذَاباً أَلِيماً } أي يُهلكْكم بسبب فظيعٍ هائل كقَحط ونحوِه { وَيَسْتَبْدِلْ } بكم بعد إهلاكِكم { قَوْماً غَيْرَكُمْ } وصفهم بالمغايرة لهم لتأكيد الوعيدِ والتشديد في التهديد بالدِلالة على المغايرةِ الوصفيةِ والذاتيةِ المستلزِمة للاستئصال ، أي قوماً مطيعين مُؤْثرين للآخرة على الدنيا ليسوا من أولادكم ولا أرحامِكم كأهل اليمنِ وأبناءِ فارسَ ، وفيه من الدِلالة على شدة السُّخط ما لا يخفى { وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا } أي لا يقدح تثاقلُكم في نُصرة دينِه أصلاً فإنه الغنيُّ عن كل شيءٍ في كل شيءٍ ، وقيل : الضمير للرسول صلى الله عليه وسلم فإن الله عز وجل وعده بالعصمة والنصرةِ وكان وعدُه مفعولاً لا محالة { والله على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } فيقدر على إهلاككم والإتيانِ بقوم آخرين .