تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِلَّا تَنفِرُواْ يُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَيَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيۡـٔٗاۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (39)

وقوله تعالى : ( إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً ) فإن كانت الآية في المنافقين فهو ظاهر ، وإن كانت في المؤمنين فيحتمل قوله : ( إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً ) يحل بهم . ولم يبين ما ذلك العذاب ؟

وقال بعضهم : شدد الله الوعيد في تركهم النفر والخروج في سبيل الله على ما شدد ببدر في التولية الدبر بقوله : ( ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة ) الآية[ الأنفال : 16 ] غير أنه شدد يوم [ بدر ][ ساقطة من الأصل وم ] لما لم يكن ملجأ ، وكان نفارهم نِفار نفاق . وههنا شدد لغير ذلك لوجوه .

أحدها : لما في تخلف المؤمنين عنه موضع العدو للمنافقين بالتخلف عنه أنهم [ تخلفوا ][ ساقطة من الأصل وم ] للعذر ، فنحن نتخلف أيضا للعذر ، ولنا في ذلك عذر .

والثاني : يكون للكفار موضع الاحتجاج عليهم ؛ يقولون : إنهم يرغبوننا في الآخرة ، ويحثوننا في ذلك ، ثم إنهم ينفرون عن ذلك ، ويرغبون عنه .

والثالث : يكون في تخلفهم الشوكة على المسلمين ؛ إذ يقلون[ من م ، في الأصل : يلقون ] إذا تخلفوا .

وقوله تعالى : ( وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ) [ على ما استبدلكم يا أهل مكة ، فينصروه[ في الأصل : فينصرونه ] وقال بعض أهل التأويل : ( ويستبدل قوما غيركم ) ][ ساقطة من م ] أي ينشئ قوما غيركم . لكن تأويل الأول أشبه . ألا ترى أنه قال في آخره : ( إلا تنصروه فقد نصره الله ) ؟ [ التوبة : 40 ] .

وقوله تعالى : ( وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً ) هو ما ذكرنا أي لا تضروا رسول الله بالتخلف عنه . وقال بعضهم : لا تضروا الله شيئا . والأول أشبه لما ذكرنا .