غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِلَّا تَنفِرُواْ يُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَيَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيۡـٔٗاۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (39)

38

ثم لما رغبهم في الجهاد بعرض الثواب عليهم رغبتهم فيه بعرض العقاب فقال { إلا تنفروا } ورتب عليه ثلاث خصال : الأولى قوله { يعذبكم عذاباً أليماً } قيل : هو عذاب الدنيا . عن استنفرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتثاقلوا فأمسك الله عنهم المطر . وقال الحسن : الله أعلم بالعذاب الذي كان ينزل عليهم . وقيل : هو عذاب الآخرة فإن الأليم لا يليق إلا به . وقيل : إنه تهديد بالعذاب المطلق الشامل للدارين . الثانية قوله { ويستبدل قوماً غيركم } يعني قوماً آخرين خيراً منهم وأطوع . قيل : هم أهل اليمن . عن أبي روق . وقيل : أبناء فارس عن سعيد بن جبير . وقيل : يحتمل أن يراد بهم الملائكة . وقال الأصم : معناه أنه يخرجه من بين أظهركم وهي المدينة والأصح إبقاء الآية على الإطلاق . الثالثة قوله { ولا تضروه شيئاً } قال الحسن : الضمير لله وفيه أنه غني عنهم في نصرة دنيه بل في كل شيء . وقال آخرون . الضمير للرسول لأن الله وعده أن يعصمه ووعد الله كائن لا محالة . وفي قوله { والله على كل شيء قدير } تنبيه على أنه قادر على نصرة رسوله بأي وجه أراد ، وقادر على إيقاع العذاب بكل من يخالف أمره كائناً من كان . عن الحسن وعكرمة أن الآية منسوخة بقوله { وما كان المؤمنون لينفروا كافة } [ التوبة : 122 ] والصحيح أنها خطاب لمن استنفرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينفروا فلا نسخ . قال الجبائي : في الآية دلالة على إبطال مذهب المرجئة من أن أهل القبلة لا وعيد لهم . وقال القاضي : فيها دلالة على وجوب الجهاد سواء كان مع الرسول أولا لقوله تعالى { مالكم إذا قيل لكم } ولم ينص على أن القائل هو الرسول . ومن قال إن الضمير في قوله { لا يضروه } عائد إلى الرسول فجوابه أن خصوص آخر الآية لا يمنع من عموم أولها .

/خ49