فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِلَّا تَنفِرُواْ يُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَيَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيۡـٔٗاۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (39)

{ إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما } أي يهلككم بعذاب شديد مؤلم ، قيل في الدنيا فقط باحتباس المطر وغيره ، وقيل هو أعم من ذلك لأن العذاب الأليم لا يكون إلا في الآخرة ، قال الحسن وعكرمة :

هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : { وما كان المؤمنون لينفروا كافة } وقال الجمهور : هذه الآية محكمة لأنها لقوم استنفرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم ينفروا كما نقل عن ابن عباس ، وعلى هذا التقدير فلا نسخ ، وفي الآية تهديد شديد ووعيد مؤكد لمن ترك النفر مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

{ ويستبدل قوما غيركم } أي يجعل لرسله بدلا منكم ممن لا يتباطأ عند حاجتهم إليهم ويكون خيرا منكم وأطوع ، واختلف في هؤلاء القوم من هم فقيل أهل اليمن ، وقيل أهل فارس ، قاله سعيد بن جبير ، ولا وجه للتعيين بدون دليل .

{ ولا تضروه } أي الله بترك امتثال أمره بالنفير { شيئا } لأنه غني عن العالمين أو لا تضروا رسول الله بترك نصره والنفير معه شيئا فإن الله ناصره على أعدائه ولا يخذله أبدا نفرتم أو اثاقلتم .

{ والله على كل شيء قدير } ومن جملة مقدوراته تعذيبكم والاستبدال بكم .