اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِلَّا تَنفِرُواْ يُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَيَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيۡـٔٗاۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (39)

قوله : { إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً } .

في الآخرة ، وقيل : هو احتباس المطر عنهم في الدنيا .

قال القرطبيُّ{[17811]} : " هذا شرطٌ ، فلذلك حذفت منه النُّون . والجوابُ " يُعذِّبْكُم " و{ وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } وهذا تهديدٌ ووعيدٌ لتارك النَّفير " . { وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } خيراً منكم وأطوع .

قال ابنُ عبَّاسٍ : " هم التابعون " {[17812]} .

وقال سعيدُ بن جبير : " هم أبناء فارس " {[17813]} وقيل : هم أهلُ اليمن . " وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً " بترككم النفير .

قال الحسنُ " الكناية راجعة إلى الله تعالى ، أي : لا تضروا الله " {[17814]} ، وقال غيره تعود إلى الرسول ؛ لأنَّ الله عصمه من الناس ، ولا يخذله إن تثاقلتم عنه . { والله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .

قال الحسنُ وعكرمةُ : هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : { وَمَا كَانَ المؤمنون لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً }{[17815]} [ التوبة : 122 ] وقال المحقِّقون : الصحيح أنَّ هذه الآية خطاب لمن استنفرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينفروا ، وعلى هذا فلا نسخ .


[17811]:ينظر: تفسير القرطبي 8/91.
[17812]:ذكره الرازي في "التفسير الكبير" (16/50).
[17813]:ذكره البغوي في "تفسيره" (2/292) وانظر أيضا المصدر السابق.
[17814]:انظر المصدر السابق.
[17815]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (6/373- 374) عن عكرمة والحسن وذكره الرازي في "تفسيره" (16/50).