الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِلَّا تَنفِرُواْ يُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَيَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيۡـٔٗاۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (39)

ثم قال تعالى : { إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما }[ 39 ] .

يتوعدهم على ترك الغزو إلى الروم ، { يعذبكم عذابا أليما } : أي عاجلا في الدنيا ، بترككم النفر إليهم {[28726]} .

{ ويستبدل قوما غيركم }[ 39 ] .

( أي : ويستبدل {[28727]} الله ، عز وجل ، نبيه عليه السلام قوما غيركم ) {[28728]} ، ينفرون معه إذا استنفروا {[28729]}- {[28730]} .

{ ولا تضروه شيئا }[ 39 ] .

أي : لا تضروه ، بترككم النفير ، شيئا ، إذ لا حاجة به إليكم ولا إلى غيركم {[28731]} .

{ والله على كل شيء قدير }[ 39 ] .

على إهلاككم واستبدال قوم غيركم [ بكم ] {[28732]} ، وعلى سائر الأشياء .

قال ابن عباس : استنفر النبي عليه السلام {[28733]} ، حيا من أحياء العرب فتثاقلوا عنه ، فأمسك عنهم القطر ، فكان ذلك العذاب الأليم {[28734]} .

وروي عن ابن عباس أنه قال : نسختها : { وما كان المومنون لينفروا كافة } {[28735]}[ 123 ] .

وقال الحسن ، /وعكرمة ، وأكثر العلماء على أنهما محكمتان {[28736]} ، لم معنى { إلا تنفروا يعذبكم } ، [ أي ] {[28737]} : إذا احتيج إليكم {[28738]} .

وقوله : { وما كان المومنون لينفروا كافة } ، معناه : أنه لا بد أن يبقى بعض المؤمنين لئلا تخلى دار الإسلام . وقد قاله : الحسن {[28739]} ، والضحاك {[28740]} .

وقوله : { {[28741]}ما كان لأهل المدينة }[ 120 ] ، الآية ، نسختها ( أيضا ) {[28742]} التي بعدها : { وما كان المومنون لينفروا كافة }[ 123 ] ، وكذلك نسخت : { إلا تنفروا يعذبكم } الآية {[28743]} .


[28726]:جامع البيان 14/254، بتصرف.
[28727]:في الأصل: ويبدل، وأثبت ما في جامع البيان الذي نقل عنه مكي.
[28728]:ما بين الهلالين ساقط من "ر".
[28729]:في الأصل: إذا استنفروا، وهو سهو ناسخ.
[28730]:جامع البيان 14/254 بتصرف.
[28731]:المصدر نفسه، بتصرف.
[28732]:زيادة من جامع البيان الذي نقل عنه مكي.
[28733]:في "ر": صلى الله عليه وسلم.
[28734]:جامع البيان 14/254، 255، وتفسير ابن أبي حاتم 6/1797، وتفسير البغوي 4/48، وتفسير ابن كثير 2/358، والدر المنثور 4/193، 194.
[28735]:الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه 314، والناسخ والمنسوخ لأبي عبيد 205، والناسخ والمنسوخ لابن العربي 2/248، ونواسخ القرآن 364، 365.
[28736]:كذا في المخطوطتين وفي نواسخ القرآن 366: "....عن ابن عباس قال: في براءة: "{انفروا خفافا وثقالا}[41]، وقال: {إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما}، فنسخ هؤلاء الآيات: {وما كان المومنون لينفروا كافة}[123]، وسيأتي الكلام عن الآية 41. وفي رواية عنهما قالا بالنسخ. انظر: جامع البيان 14/255، 256، ونواسخ القرآن 364، 365، ونص مكي في الإيضاح 315، بعدم صحة هذه الرواية.
[28737]:زيادة من "ر". وفي الأصل: إذا احتيج، وهو سهو ناسخ.
[28738]:قال في الإيضاح 315: "وقال الحسن وعكرمة: وهذا على الأصول لا يحسن نسخه، لأنه خبر فيه معنى الوعيد، والمعنى: إذا احتيج إليهم نفروا كلهم...فهي محكمة غير منسوخة، ومعناها: إلا تنفروا إذا احتيج إليكم يعذبكم". وذهب إلى الإحكام أيضا ابن جرير في جامع البيان 14/256، وابن العربي في ناسخه 2/249، وأحكامه 2/949، وابن الجوزي في نواسخه 366، 367.
[28739]:في تفسيره 1/435: "...عن الحسن وقتادة قالا: كافة وبدعوة النبي، صلى الله عليه وسلم".
[28740]:انظر: جامع البيان 14/567، 568.
[28741]:في المخطوطتين: وما، وهو سهو ناسخ.
[28742]:ما بين الهلالين ساقط من "ر".
[28743]:الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه 314، و321، و322.