قوله تعالى : { وأنتم سامدون } لاهون غافلون ، والسمود : الغفلة عن الشيء واللهو ، يقال : دع عنا سمودك هذا رواية الوالبي والعوفي عن ابن عباس . وقال عكرمة عنه : هو الغناء بلغة أهل اليمن ، وكانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا ولعبوا . وقال الضحاك : أشرون يطرون . وقال مجاهد : غضاب مبرطمون . فقيل له : ما البرطمة ؟ قال : الإعراض .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
"وأنتم سامدون" آية يعني لاهون عن القرآن...
قال الشافعي في قول الله عز وجل: {وَأَنتُمْ سَامِدُونَ}... كل ما يحَدَّثُ الرجل بِهِ، فَلَهَا عَنْهُ ولم يستمع إليه: فهو السُّمُود. (أحكام الشافعي: 2/178-179.)...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره لمشركي قريش: أفمن هذا القرآن أيها الناس تعجبون، أنْ نَزَلَ على محمد صلى الله عليه وسلم، وتضحكون منه استهزاءً به، ولا تبكون مما فيه من الوعيد لأهل معاصي الله، وأنتم من أهل معاصيه" وأنْتُمْ سامِدُونَ "يقول: وأنتم لاهون عما فيه من العِبَر والذكر، معرضون عن آياته يقال للرجل: دع عنا سُمودَك، يراد به: دع عنا لهوك... وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة عنه؛
فقال بعضهم: غافلون. وقال بعضهم: مغنون. وقال بعضهم: مُبَرْطِمون.
أي غافلون، وذكر باسم الفاعل، لأن الغفلة دائمة، وأما الضحك والعجب فهما أمران يتجددان ويعدمان.
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :
مغنَّون لتشغلوا الناس عن استماعه من السمود وهو الغناء.
التفسير القيم لابن القيم 751 هـ :
قال عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه: السمود: الغناء في لغة حمير، يقال: «اسمُدي لنا»، أي: غَنِّي لنا. وهذا لا يناقض ما قيل في هذه الآية من أن السمود: هو الغفلة والسهو عن الشيء. قال المبرد: هو الاشتغال عن الشيء بهم أو فرح يتشاغل به. فالغناء يجمع هذا كله ويوجبه. والسامد: المتكبر. والسامد: القائم. وقال ابن عباس رضي الله عنه في الآية: وأنتم مستكبرون. وقال الضحاك: أشِرُون بَطِرون...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
و {سامدون}: من السمود وهو ما في المرء من الإِعجاب بالنفس...
.والمعنى: فرحون بأنفسكم تتغنون بالأغاني لقلة الاكتراث بما تسمعون من القرآن كقوله: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية} [الأنفال: 35] على أحد تفسيرين. وتقديم المجرور للقصر، أي هذا الحديث ليس أهلاً لأن تقابلوه بالضحك والاستهزاء والتكذيب ولا لأن لا يتوب سامعه، أي لو قابلتم بفعلكم كلاماً غيره لكان لكم شبهة في فعلكم، فأمّا مقابلتكم هذا الحديث بما فعلتم فلا عذر لكم فيها.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
كلمة سامدون مشتقّة من سمود... ومعناه اللهو والانشغال ورفع الرأس للأعلى تكبّراً وغروراً، وهي في أصل استعمالها تطلق على البعير حين يرفل في سيره ويرفع رأسه غير مكترث بمن حوله.
فهؤلاء المتكبّرون المغرورون كالحيوانات همّهم الأكل والنوم، وهم غارقون باللذائذ جاهلون عمّا يحدق بهم من الخَطر والعواقب الوخيمة والجزاء الشديد الذي سينالهم.
" وأنتم سامدون " أي لاهون معرضون . عن ابن عباس ، رواه الوالبي والعوفي عنه . وقال عكرمة عنه : هو الغناء بلغة حمير ، يقال : سمد لنا أي غن لنا ، فكانوا إذا سمعوا القرآن يتلى تغنوا ولعبوا حتى لا يسمعوا . وقال الضحاك : سامدون شامخون متكبرون . وفي الصحاح : سمد سمودا رفع رأسه تكبرا وكل رافع رأسه فهو سامد ، قال{[14442]} :
سَوَامِدُ الليل خِفَافُ الأَزْوَادِ
يقول : ليس في بطونها علف . وقال ابن الأعرابي : سمدت سمودا علوت . وسمدت الإبل في سيرها جدت . والسمود اللهو ، والسامد اللاهي ، يقال للقينه : أسمدينا ، أي ألهينا بالغناء . وتسميد الأرض أن يجعل فيها السماد وهو سرجين ورماد . وتسميد الرأس استئصال شعره ، لغة في التسبيد . واسمأد الرجل بالهمز اسمئدادا أي ورم غضبا . وروي عن علي رضي الله عنه أن معنى " سامدون " أن يجلسوا غير مصلين ولا منتظر بن الصلاة . وقال الحسن : واقفون للصلاة قبل وقوف الإمام ، ومنه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج الناس ينتظرونه قياما فقال : ( مالي أراكم سامدين ) حكاه الماوردي . وذكره المهدوي عن علي ، وأنه خرج إلى الصلاة فرأى الناس قياما ينتظرونه فقال : ( مالكم سامدون ) قاله المهدوي . والمعروف في اللغة : سمد يسمد سمودا إذا لها وأعرض . وقال المبرد : سامدون خامدون ، قال الشاعر :
أتَى الحِدْثَانُ نسوةَ آل حرب *** بمقدورٍ سَمَدْنَ لهُ سُمُودَا
وقال صالح أبو الخليل : لما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم " أفمن هذا الحديث تعجبون . وتضحكون ولا تبكون . وأنتم سامدون " لم ير ضاحكا إلا مبتسما حتى مات صلى الله عليه وسلم ذكره النحاس .