الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَأَنتُمۡ سَٰمِدُونَ} (61)

" وأنتم سامدون " أي لاهون معرضون . عن ابن عباس ، رواه الوالبي والعوفي عنه . وقال عكرمة عنه : هو الغناء بلغة حمير ، يقال : سمد لنا أي غن لنا ، فكانوا إذا سمعوا القرآن يتلى تغنوا ولعبوا حتى لا يسمعوا . وقال الضحاك : سامدون شامخون متكبرون . وفي الصحاح : سمد سمودا رفع رأسه تكبرا وكل رافع رأسه فهو سامد ، قال{[14442]} :

سَوَامِدُ الليل خِفَافُ الأَزْوَادِ

يقول : ليس في بطونها علف . وقال ابن الأعرابي : سمدت سمودا علوت . وسمدت الإبل في سيرها جدت . والسمود اللهو ، والسامد اللاهي ، يقال للقينه : أسمدينا ، أي ألهينا بالغناء . وتسميد الأرض أن يجعل فيها السماد وهو سرجين ورماد . وتسميد الرأس استئصال شعره ، لغة في التسبيد . واسمأد الرجل بالهمز اسمئدادا أي ورم غضبا . وروي عن علي رضي الله عنه أن معنى " سامدون " أن يجلسوا غير مصلين ولا منتظر بن الصلاة . وقال الحسن : واقفون للصلاة قبل وقوف الإمام ، ومنه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج الناس ينتظرونه قياما فقال : ( مالي أراكم سامدين ) حكاه الماوردي . وذكره المهدوي عن علي ، وأنه خرج إلى الصلاة فرأى الناس قياما ينتظرونه فقال : ( مالكم سامدون ) قاله المهدوي . والمعروف في اللغة : سمد يسمد سمودا إذا لها وأعرض . وقال المبرد : سامدون خامدون ، قال الشاعر :

أتَى الحِدْثَانُ نسوةَ آل حرب *** بمقدورٍ سَمَدْنَ لهُ سُمُودَا

وقال صالح أبو الخليل : لما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم " أفمن هذا الحديث تعجبون . وتضحكون ولا تبكون . وأنتم سامدون " لم ير ضاحكا إلا مبتسما حتى مات صلى الله عليه وسلم ذكره النحاس .


[14442]:قائله رؤبة بن العجاج يصف إبلا.