قوله : «وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ » أي غافلون لاهون . وهذه الجملة يحتمل أن تكون مستأنفةً ، أخبر الله عنهم بذلك ، ويحتمل أن تكون حالاً أي انتفى عنكم البكاء في حال كونكم سامدين{[53817]} . والسمود ، قيل : الإعراض والغفلة عن الشيء ، وقيل : اللهو ، يقال : دَعْ عَنَّا سُمُودَك أي لهوَك . رواه الوالبيُّ والعَوْفِيُّ عن ابن عباس - ( رضي الله عنهما ){[53818]} - وقال الشاعر :
أَلاَ أَيّهَا الإنْسَانُ إنَّكَ سَامِدٌ *** كَأَنَّكَ لاَ تَفْنَى وَلاَ أَنْتَ هَالِكُ{[53819]}
فهذا بمعنى لاه لاعب . وقيل : الخُمُودُ . وقيل : الاستنكار ، قال ( رحمه الله ) {[53820]} :
رَمَى الْحِدْثَانُ نِسْوَة آلِ سَعْدٍ *** بِمْقدَارٍ سَمَدْنَ لَهُ سُمُودَا
فَرَدَّ شُعُورَهُنَّ السُّودَ بِيضاً *** وَرَدَّ وُجُوهَهُنَّ الْبِيضَ سُودَا{[53821]}
فهذا بمعنى الخمود والخشوع ، وقال عكرمة وأبو هريرة : السمود القيامة بلغة حِمْيَر ، يقولون : يا جَارِيَةُ اسمُدِي لنا أي غنِّي ، فكانوا إذا سمعوا القرآن تَغَنَّوْا وَلَعِبُوا{[53822]} . وقال الضحاك : أَشِرُونَ . وقال مجاهد غضاب يَتَبَرْطَعُونَ . وقال الراغب : السامد اللاهي الرافع رأسه من قولهم : بَعِيرٌ سَامِدٌ في سَيْرِهِ{[53823]} . وقيل : سمد رأسه وسبده أي استأصل شعره .
وذكر باسم الفاعل لأن الغفلة دائمة وأما الضحك والعجب فهما أمران يتجددان ويعدمَان . وقال الحسن سامدون أي واقفون للصلاة قبل وقوف الإمام ، لما رُوِيَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خرج والناس ينتظرونه قياماً فقال : مَا لِي أَرَاكُمْ{[53824]} سَامِدِينَ . حكاه الماوردي . وروى المَهْدَوِيُّ عن علي أنه خرج إلى الصلاة فرأى الناس قياماً فقال : مَا لِي أَرَاكُمْ سَامِدِينَ . وروي عن علي أن معنى «سامدون » أن يجلسوا غير مصلين ولا منتظرين الصلاة . وتسميد الأرض أن يجعل فيها السماد وهو سِرْجينٌ وَرَمَادٌ . واسْمَأدَّ الرجال اسْمِئْدَاداً أي وَرِم غضباً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.