وقوله : يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَينَ حَمِيمٍ آنٍ يقول تعالى ذكره : يطوف هؤلاء المجرمون الذين وصف صفتهم في جهنم بين أطباقها وَبينَ حَمِيمٍ آنٍ يقول : وبين ماء قد أسخن وأغلي حتى انتهى حرّه وأنى طبخه وكل شيء قد أدرك وبلغ فقد أنى ومنه قوله : غَيرَ ناظِرِينَ إناهُ يعني : إدراكه وبلوغه ، كما قال نابغة بني ذُبيان :
ويُخْضَبْ لِحْيَةٌ غَدَرَتْ وخانَتْ *** بأحمَرَ مِنْ نَجِيعِ الجَوْفِ آني
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : وَبينَ حَمِيمٍ آنٍ يقول : انتهى حرّه .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَبَين حَمِيم آنٍ يقول : غلي حتى انتهى غليه .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : وَبينَ حَمِيمٍ آنٍ قال : قد بلغ إناه .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد ، قال : الاَني الذي قد انتهى حرّه .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا شبيب ، عن بشر ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَينَ حَمِيمٍ آنٍ قال : الاَني : ما اشتدّ غليانه ونضجه .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : حَمِيمٍ آنٍ هو الذي قد انتهى غَلْيه .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا محمد بن مروان ، قال : حدثنا أبو العوّام ، عن قتادة وَبَينَ حَمِيمٍ آنٍ قال : أنى طبخها منذ يوم خلق الله السموات والأرض .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَينَ حَمِيمٍ آنٍ يقول : حميم قد أنى طبخه منذ خلق الله السموات والأرض .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن حَمِيمٍ آنٍ يقول : حميم قد آن منتهى حرّه .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان حَمِيمٍ آنٍ قال : قد انتهى حرّه .
وقال بعضهم : عني بالاَني : الحاضر . ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ قال : يطوفون بينها وبين حميم حاضر ، الاَني : الحاضر .
وقرأ جمهور الناس : «يَطُوفون » بفتح الياء وضم الطاء وسكون الواو . وقرأ طلحة بن مصرف : «يُطَوّفون » بضم الياء وفتح الطاء وشد الواو . وقرأ أبو عبد الرحمن : «يطافون » ، وهي قراءة علي بن أبي طالب . والمعنى في هذا كله أنهم يترددون بين نار جهنم وجمرها { وبين حميم } وهو ما غلي في جهنم من مائع عذابها . والحميم : الماء السخن . وقال قتادة : إن العذاب الذي هو الحميم يغلي منذ خلق الله جهنم . وأنى الشيء : حضر ، وأنى اللحم أو ما يطبخ أو يغلى : نضج وتناهى حره والمراد منه . ويحتمل قوله : { آن } أن يكون من هذا ومن هذا . وكونه من الثاني أبين ، ومنه قوله تعالى : { غير ناظرين إناه }{[10838]} [ الأحزاب : 53 ] ومن المعنى الآخر قول الشاعر [ عمرو بن حسان الشيباني ] : [ الوافر ]
*** أنى ولكل حاملة تمام{[10839]}
ويشبه أن يكون الأمر في المعنيين قريباً بعضه من بعض ، والأول أعم من الثاني .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَينَ حَمِيمٍ آنٍ "يقول تعالى ذكره: يطوف هؤلاء المجرمون الذين وصف صفتهم في جهنم بين أطباقها "وَبينَ حَمِيمٍ آنٍ" يقول: وبين ماء قد أسخن وأغلي حتى انتهى حرّه وأنى طبخه، وكل شيء قد أدرك وبلغ فقد أنى ومنه قوله: "غَيرَ ناظِرِينَ إناهُ" يعني: إدراكه وبلوغه...
وقال بعضهم: عني بالآني: الحاضر...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{يطوفون بينها وبين حميم آن} أي يطوفون بين جهنم وبين حميم. فيجوز أنه كنى بجهنم عما يأكلون، وهي النار، والحميم عما يشربون؛ كأنه يقول، والله أعلم: يطوفون بين ما يأكلون وبين ما يشربون: لا يشبعون مما يأكلون، ولا يروون مما يشربون، بل كلما أكلوا زادتهم جوعا، وكلما شربوا زادتهم عطشا. والحميم، هو الشراب الذي جعل لهم.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
. «يطوّفون» من التطويف. ويطوّفون، أي: يتطوّفون ويطافون...
ونعمة الله فيما ذكره من هول العذاب: نجاة الناجي منه برحمته وفضله، وما في الإنذار به من اللطف.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
(يطوفون بينها وبين حميم آن).. متناه في الحرارة كأنه الطعام الناضج على النار! وهم يتراوحون بين جهنم وبين هذا السائل الآني. انظروا إنهم يطوفون الآن!
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والطواف: ترداد المشي والإِكثار منه، يقال: طاف به، وطاف عليه، ومنه الطواف بالكعبة، والطواف بالصفا والمروة..
أما كيف يكون ذلك فالله أعلم، لكننا نؤمن بأنهم يطوفون بينها وبين الحميم الحار الشديد الحرارة..
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.