المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَإِن تَدۡعُوهُمۡ إِلَى ٱلۡهُدَىٰ لَا يَسۡمَعُواْۖ وَتَرَىٰهُمۡ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ وَهُمۡ لَا يُبۡصِرُونَ} (198)

198- وإن تسألوهم الهداية إلى ما فيه خيركم لا يسمعوا سؤالكم فضلا عن إرشادكم ، وإنك لتراهم - في مقابلك - كأنما ينظرون إليك ، وهم في الحقيقة لا يرون شيئا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِن تَدۡعُوهُمۡ إِلَى ٱلۡهُدَىٰ لَا يَسۡمَعُواْۖ وَتَرَىٰهُمۡ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ وَهُمۡ لَا يُبۡصِرُونَ} (198)

172

( وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا ، وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ) . .

وإذا كان هذا التقرير ينطبق على آلهة الوثنية الساذجة في جاهلية العرب القديمة . . فإنه ينطبق كذلك على كل الآلهة المدعاة في الجاهلية الحديثة . .

إن هؤلاء المشركين الجدد يدعون من دون الله أولياء من أصحاب السلطان الظاهر في الأرض ! ولكن هؤلاء الأولياء لا يستطيعون نصرهم ولا أنفسهم ينصرون . حين يجري قدر الله بما يشاء في أمر العباد في الموعد المرسوم .

وإذا كانت آلهة العرب الساذجة لا تسمع ، وعيونها المصنوعة من الخرز أو الجوهر تنظر ولا تبصر ! فإن بعض الآلهة الجديدة كذلك لا تسمع ولا تبصر . . الوطن . والقوم . والإنتاج . والآلة . وحتمية التاريخ ! إلى آخر تلك الآلهة المدعاة في الجاهلية الحديثة ! والذي يبصر منها ويسمع - وهي الآلهة المدعاة من البشر ، التي تعطى خصائص الألوهية فتشرع بأمرها وتحكم - هي كذلك لا تسمع ولا تبصر . . هي من الذين يقول الله فيهم : ( ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس ، لهم قلوب لا يفقهون بها ، ولهم أعين لا يبصرون بها ، ولهم آذان لا يسمعون بها . . أولئك كالأنعام بل هم أضل ، أولئك هم الغافلون ) !

إن صاحب الدعوة إلى الله ، إنما يصادف حالة واحدة من الجاهليات المتعددة . . وإنما ينبغي أن يقول ما أمر الله سبحانه نبيه [ ص ] أن يقول :

( قل : ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون . إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين . والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون . وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ) . . فإنما هم هم . . في كل أرض وفي كل حين ! ! !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِن تَدۡعُوهُمۡ إِلَى ٱلۡهُدَىٰ لَا يَسۡمَعُواْۖ وَتَرَىٰهُمۡ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ وَهُمۡ لَا يُبۡصِرُونَ} (198)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَىَ لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } . .

يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل للمشركين : وإن تدعوا أيها المشركون آلهتكم إلى الهدى ، وهو الاستقامة إلى السداد ، لا يَسْمَعُوا يقول : لا يسمعوا دعاءكم . وتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إلَيْكَ وهُمْ لا يُبْصِرُونَ وهذا خطاب من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ، يقول : وترى يا محمد آلهتهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون . ولذلك وحد ، ولو كان أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بخطاب المشركين لقال : وترونهم ينظرون إليكم .

وقد رُوي عن السديّ في ذلك ما :

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَإنْ تَدْعُوهُمْ إلى الهُدَى لا يَسْمَعوا وَتَرَاهمْ يَنْظرُونَ إلَيكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ قال : هؤلاء المشركين .

وقد يحتمل قول السديّ هذا أن يكون أراد بقوله : هؤلاء المشركون قول الله : وَإنْ تَدْعُوهُمْ إلى الهدَى لا يَسْمَعوا .

وقد كان مجاهد يقول في ذلك ما :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : وَتَرَاهُمْ يَنْظرُونَ إلَيْكَ وَهمْ لا يُبْصِرُونَ ما تدعوهم إلى الهدى .

وكأن مجاهدا وجه معنى الكلام إلى أن معناه : وترى المشركين ينظرون إليك وهم لا يبصرون . فهو وجه ، ولكن الكلام في سياق الخبر عن الاَلهة فهو بوصفها أشبه .

قال أبو جعفر : فإن قال قائل : فما معنى قوله : وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إلَيْكَ وَهمْ لا يُبْصِرُونَ ؟ وهل يجوز أن يكون شيء ينظر إلى شيء ولا يراه ؟ قيل : إن العرب تقول للشيء إذا قابل شيئا أو حاذاه هو ينظر إلى كذا ، ويقال : منزل فلان ينظر إلى منزلي إذا قابله . وحُكي عنها : إذا أتيت موضع كذا وكذا ، فنظر إليك الجبل ، فخذ يمينا أو شمالاً . وحدثت عن أبي عُبيد ، قال : قال الكسائي : الحائط ينظر إليك إذا كان قريبا منك حيث تراه ، ومنه قول الشاعر :

إذَا نَظَرَتْ بِلادَ بَنِي تَمِيم ***بِعَيْنٍ أوْ بِلادَ بَنِي صُباحِ

يريد : تقابل نبتُها وعشبُها وتحاذَى .

فمعنى الكلام : وترى يا محمد آلهة هؤلاء المشركين من عبدة الأوثان يقابلونك ويحاذونك ، وهم لا يبصرونك ، لأنه لا أبصار لهم . وقيل : «وتراهم » ، ولم يقل : «وتراها » ، لأنها صور مصوّرة على صور بني آدم .