الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَإِن تَدۡعُوهُمۡ إِلَى ٱلۡهُدَىٰ لَا يَسۡمَعُواْۖ وَتَرَىٰهُمۡ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ وَهُمۡ لَا يُبۡصِرُونَ} (198)

ثم قال تعالى : { وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا }[ 198 ] .

أي : وإن تدعوا ، أيها المشركون ، آلهتكم { إلى الهدى لا يسمعوا } دعاءكم{[26500]} .

{ وتراهم ينظرون إليك } ، يعني : آلهتكم ، { وهم لا يبصرون }[ 198 ] ، يعني : الآلهة{[26501]} .

{ وتراهم } في هذا بمعنى : الظن والحسْبان ، لا من النظر{[26502]} . وقد تأوله{[26503]} بمعنى : " النظر " المعتزلة ، وغلِطوا فيه{[26504]} .

وقال السدي : يعني بذلك المشركين{[26505]} ، لا يسمعون{[26506]} الهدى ، { ينظرون إليك وهم لا يبصرون } ما تدعوهم إليه{[26507]} .

وقيل المعنى : { ينظرون إليك } هنا : يواجهونك ولا يرونك{[26508]} .

وحكى الكسائي : " الحائط{[26509]} ينظر إليك " . أي : يواجهك ، إذا كان قريبا منك{[26510]} .

وحكى : " داري " {[26511]} تنظر إلى دار فلان " ، أي : تواجه وتحاذي وتقابل{[26512]} .

ودل قوله { وتراهم } على أن المراد المشركون ، إذ لو كان للآلهة لقال : " وتراها " .

وقيل : هي للآلهة ؛ لأنها مثل بني آدم في صورها التي مثلوها ؛ ولأنهم يعظمونها ويخاطبونها بمخاطبة من يعقل ، فخوطبوا هم كذلك . فمن جعله للمشركين ، كان " ترى " على بابه ، من رؤية العين{[26513]} .


[26500]:جامع البيان 13/324، فالفقرة مستخلصة منه.
[26501]:لمزيد من الإيضاح، انظر: جامع البيان 13/324، والمحرر الوجيز 2/490، والبحر المحيط 4/443.
[26502]:انظر: تفسير الرازي 8/100.
[26503]:في الأصل: تأويله، وهو تحريف ليس بشيء.
[26504]:قال ابن عطية في المحرر الوجيز 2/490: "...، وذهب بعض المعتزلة إلى الاحتجاج بهذه الآية على أن العباد ينظرون إلى ربهم ولا يرونه، ولا حجة لهم في الآية؛ لأن النظر في الأصنام مجاز محض".
[26505]:في الأصل: المشركون، وهو خطأ ناسخ.
[26506]:في الأصل، و"ر" لا يسمعوا.
[26507]:انظر: جامع البيان 13/324، 325، فالفقرة مستخلصة منه، وزاد المسير 3/307، وتفسير ابن كثير 2/277، والتسهيل لابن جزي 2/58، وفتح القدير 2/318.
[26508]:انظر: جامع البيان 13/325. وفي معاني القرآن للفراء 1/401: "والعرب تقول للرجل القريب من الشيء: هو ينظر: وهو لا يراه".
[26509]:في الأصل: في الحائط، ولا يستقيم به المعنى.
[26510]:جامع البيان 13/325، بدون: أي: يواجهك. وتمامه: "حيث تراه". وفي "ر" زيادة: وحكى إذا كان قريبا منك، وهو سهو ناسخ.
[26511]:داري تحرفت في الأصل إلى: داوي.
[26512]:انظر: جامع البيان 13/325. وفي معاني القرآن للفراء 1/401: "...، والمنازل تتناظر: إذا كان بعضها بحذاء بعض".
[26513]:انظر: معاني القرآن للفراء 1/401، وجامع البيان 13/326.