المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوۡمًا عَبُوسٗا قَمۡطَرِيرٗا} (10)

10- إنا نخاف من ربنا يوماً اشتد عبوس مَن فيه ، وقطَّبوا وجوههم وجباههم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوۡمًا عَبُوسٗا قَمۡطَرِيرٗا} (10)

( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا . إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ) . .

فهي الرحمة الفائضة من القلوب الرقيقة الرفيقة ، تتجه إلى الله تطلب رضاه . ولا تبتغي بها جزاء من الخلق ولا شكرا ، ولا تقصد بها استعلاء على المحتاجين ولا خيلاء . كما تتقي بها يوما عبوسا شديد العبوس ، تتوقعه وتخشاه ، وتتقيه بهذا الوقاء . وقد دلهم رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] عليه وهو يقول : " اتق النار ولو بشق تمرة " . .

وقد كان إطعام الطعام هكذا مباشرة هو وسيلة التعبير عن هذه العاطفة النبيلة الكريمة ، ووسيلة الإشباع لحاجات المحاويج . ولكن صور الإحسان ووسائله قد تتغير بحسب البيئات والظروف ، فلا تظل في هذه الصورة البدائية المباشرة . إلا أن الذي يجب الاحتفاظ به هو حساسية القلوب ، وحيوية العاطفة ، والرغبة في الخير ابتغاء وجه الله ، والتجرد عن البواعث الأرضية من جزاء أو شكر أو نفع من منافع الحياة !

ولقد تنظم الضرائب ، وتفرض التكاليف ، وتخصص للضمان الاجتماعي ، ولإسعاف المحاويج ، ولكن هذا إنما يفي بشطر واحد من مزايا الاتجاه الإسلامي الذي ترمز إليه تلك الآيات ، والذي توخاه بفريضة الزكاة . . هذا الشطر هو كفاية حاجة المحتاجين . . هذا شطر . . والشطر الآخر هو تهذيب أرواح الباذلين ، ورفعها إلى ذلك المستوى الكريم . وهو شطر لا يجوز إغفاله ولا التهوين من شأنه فضلا على أن تنقلب المعايير فيوصم ويقبح ويشوه ، ويقال : إنه إذلال للآخذين وإفساد للواهبين .

إن الإسلام عقيدة قلوب ، ومنهج تربية لهذه القلوب . والعاطفة الكريمة تهذب صاحبها وتنفع من يوجهها إليه من إخوانه . فتفي بشطري التربية التي يقصد إليها هذا الدين .

ومن ثم كان ذلك التصوير الكريم لذلك الشعور الكريم .