{ 14 } { لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا } أي : في حال الاجتماع { إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ } أي : لا يثبتون لقتالكم{[1045]} ولا يعزمون عليه ، إلا إذا كانوا متحصنين في القرى ، أو من وراء الجدر والأسوار .
فإنهم إذ ذاك ربما يحصل منهم امتناع ، اعتمادا [ على ] حصونهم وجدرهم ، لا شجاعة بأنفسهم ، وهذا من أعظم الذم ، { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } أي : بأسهم فيما بينهم شديد ، لا آفة في أبدانهم ولا في قوتهم ، وإنما الآفة في ضعف إيمانهم وعدم اجتماع كلمتهم ، ولهذا قال : { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا } حين تراهم مجتمعين ومتظاهرين .
{ و } لكن { قلوبهم شَتَّى } أي : متباغضة متفرقة متشتتة .
{ ذَلِكَ } الذي أوجب لهم اتصافهم بما ذكر { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ } أي : لا عقل عندهم ، ولا لب ، فإنهم لو كانت لهم عقول ، لآثروا الفاضل على المفضول ، ولما رضوا لأنفسهم بأبخس الخطتين ، ولكانت كلمتهم مجتمعة ، وقلوبهم مؤتلفة ، فبذلك يتناصرون ويتعاضدون ، ويتعاونون على مصالحهم ومنافعهم الدينية والدنيوية .
مثل هؤلاء المخذولين من أهل الكتاب ، الذين انتصر الله لرسوله منهم ، وأذاقهم الخزي في الحياة الدنيا .
ثم قال :{ لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ }{[28599]} يعني :أنهم من جُبنهم وهَلَعهم لا يقدرون على مواجهة جيش الإسلام بالمبارزة والمقابلة{[28600]} بل إما في حصون أو من وراء جدر{[28601]} محاصرين ، فيقاتلون للدفع عنهم ضرورة .
ثم قال { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ } أي : عداوتهم [ فيما ] {[28602]} بينهم شديدة ، كما قال : { وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } [ الأنعام : 65 ] ؛ ولهذا قال : { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى } أي : تراهم مجتمعين فتحسبهم مؤتلفين ، وهم مختلفون غاية الاختلاف .
قال : إبراهيم النخعي : يعني : أهل الكتاب والمنافقين { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ } .
{ لا يقاتلونكم } اليهود والمنافقون { جميعا }مجتمعين متفقين { إلا في قرى محصنة } بالدروب والخنادق { أو من وراء جدر }لفرط رهبتهم وقرأ ابن كثير وأبو عمر جدار وأمال أبو عمرو فتحة الدال ، { بأسهم بينهم شديد } أي وليس ذلك لضعفهم وجبنهم فإنه يشتد بأسهم إذا حارب بعضهم بعضا بل لقذف الله الرعب في قلوبهم ولأن الشجاع يجبن والعزيز يذل إذا حارب الله ورسوله ، { تحسبهم جميعا }مجتمعين متفقين { وقلوبهم شتى }متفرقة لافتراق عقائدهم واختلاف مقاصدهم { ذلك بأنهم قوم لا يعقلون } ما فيه صلاحهم وإن تشتت القلوب يوهن قواهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.