وقوله : { لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى } ، كقوله : { لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا } [ طه : 23 ] {[27639]} أي : الدالة على قدرتنا وعظمتنا . وبهاتين الآيتين استدل من ذهب من أهل السنة أن الرؤية تلك الليلة لم تقع ؛ لأنه قال : { لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى } ، ولو كان رأى ربه لأخبر بذلك ولقال ذلك للناس ، وقد تقدم تقرير ذلك في سورة " سبحان " وقد قال الإمام أحمد :
حدثنا أبو النضر ، حدثنا محمد بن طلحة ، عن الوليد بن قيس ، عن إسحاق بن أبي الكَهْتَلة{[27640]} قال محمد : أظنه عن ابن مسعود - أنه قال : إن محمدا لم ير جبريل في صورته إلا مرتين ، أما مرة فإنه سأله أن يُريه نفسه في صورته ، فأراه صورته فسد الأفق . وأما الأخرى فإنه صَعد معه حين صعد به . وقوله : { وَهُوَ بِالأفُقِ الأعْلَى . ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى . فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى . فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى } قال : فلما أحسَّ{[27641]} جبريل ربه ، عز وجل ، عاد في صورته وسجد . فقوله : { وَلَقَدْ رَآهُ نزلَةً أُخْرَى . عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى . عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى . إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى . مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى . لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى } قال : خَلْقَ جبريل عليه السلام .
هكذا رواه الإمام أحمد ، وهو غريب{[27642]} .
وقوله : لَقَدْ رأَى مِنْ آياتِ رَبّهِ الكُبْرَى يقول تعالى ذكره : لقد رأى محمد هنالك من أعلام ربه وأدلته الأعلام والأدلة الكبرى . واختلف أهل التأويل في تلك الاَيات الكبرى ، فقال بعضهم : رأى رَفْرفا أخضر قد سدّ الأفق . ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو هشام الرفاعي ، قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله لَقَدْ رأَى مِنْ آياتِ رَبّهِ الكُبْرَى قال : رفرفا أخضر من الجنة قد سدّ الأفق .
حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، قال : قال عبد الله ، فذكر مثله .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود مِنْ آياتِ رَبّهِ الكُبْرَى قال : رفرفا أخضر قد سدّ الأفق .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن الأعمش ، أن ابن مسعود قال : رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم رَفرفا أخضر من الجنة قد سدّ الأفق .
وقال آخرون : رأى جبريل في صورته . ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : لَقَدْ رأَى مِنْ آياتِ رَبّهِ الكُبْرَى قال : جبريل رآه في خلقه الذي يكون به في السموات ، قدر قوسين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيما بينه وبينه .
وقوله تعالى : { لقد رأى من آيات ربه الكبرى } قال جماعة من أهل التأويل معناه : رأى الكبرى من آيات ربه ، والمعنى { من آيات ربه } التي يمكن أن يراها البشر ، ف { الكبرى } على هذا مفعول ب { رأى } . وقال آخرون المعنى : { لقد رأى } بعضاً { من آيات ربه الكبرى } ، ف { الكبرى } على هذا وصف للآيات ، والجمع مما لا يعقل في المؤنث يوصف أبداً على حد وصف الواحدة . وقال ابن عباس وابن مسعود : رأى رفرفاً أخضر من الجنة قد سد الأفق . وقال ابن زيد : رأى جبريل في صورته التي هو بها في السماوات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.