جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ} (18)

{ لقد رأى من آيات ربه } : بعض عجائبه ، { الكبرى } ، صفة{[4790]}الآيات ، أو هو المفعول ومن آيات ربه حال مقدم ، ثم اعلم أنه قد ورد في الصحيحين أن عائشة- رضي الله عنها- قالت : أنا أول من سأل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن قوله { ولقد رآه بالأفق المبين } ، " ولقد رآه نزلة أخرى " فقال : " إنما ذاك جبريل لم يره في صورته إلا مرتين " ، وفي مسلم عن أبي ذر- رضي الله عنه- قال : سألت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- هل رأيت ربك ؟ قال : نورا أنى أراه " ، وفي رواية لغير مسلم " رأيت نورا " ، وكان سؤال عائشة بعد الإسراء{[4791]} ، فلا يمكن أن يقال كأن نفي الرؤية قبل الإسراء ، وما قيل إنه- عليه الصلاة والسلام- خاطبها على قدر عقلها فخطأ مردود{[4792]} قال الشيخ عماد الدين ابن كثير : لا يصح في أنه رأى ربه ببصره شيء من الصحابة ، وأما ما قال البغوي : ذهب جماعة إلى أنه رآه بعينه ، وهو قول أنس والحسن وعكرمة ، ففيه نظر{[4793]} ، والحديث الذي رواه الإمام أحمد عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال : قال عليه الصلاة والسلام : " رأيت ربي عز وجل " {[4794]} فهو مختصر من حديث المنام كما رواه أحمد أيضا ، وقد ثبت عن كثير من السلف نفي رؤية البصر ، والله أعلم ،


[4790]:لما قرر الرسالة ذكر ما ينبغي أن يبتدئ به الرسول، وهو التوحيد ومنع الخلق عن الإشراك فقال:{أفرأيتم اللات} الآية/12 كبير.
[4791]:كان سؤال عائشة بعد الإسراء بدليل قولها- رضي الله عنها:" أنا أول من سأل عن تلك الآية" وما كانت هذه الآية إلا بعد الإسراء بلا خلاف من أحد فلا يمكن أن يقال: كان نفي الرؤية قبل الإسراء/12 منه.
[4792]:فإنه يلزم على ما نقلنا من الصحيحين أنه- عليه الصلاة والسلام- فسر القرآن على ما هو خطأ وكذب فإنه قال إنما ذلك جبريل، ولم يتفوه بذلك مؤمن وأيضا هي- رضي الله عنها- كاملة مكملة، وليس لإثبات الرؤية ونفيها كثير غموض لا تفهمه النساء، والله أعلم/12.
[4793]:وقد روى ابن أبي حاتم عن عباد بن منصور أنه قال: لما سألت عكرمة عن قوله:"ما كذب الفؤاد ما رأى" فقال عكرمة: نعم قد رأى ربه، قال: فسألت عنه الحسن فقال: رأى جلاله وعظمته ورداءه/12 منه.
[4794]:أخرجه أحمد (1/285)، وصحيح إسناده الشيخ شاكر في تعليقه على "المسند" (2580).