قوله : { لَقَدْ رأى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكبرى } في «الكبرى » وجهان :
أظهرهما : أنها مفعول ( رأى ) و( من آياتِ ربه ) حال مقدرة ، والتقدير لقد رأى الآيات الكبرى من آيات ربه .
والثاني : أن { مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ } هو مفعول الرؤية و«الكُبْرَى » صفة «لآيات ربه »{[53501]} . وهذا الجمع يجوز وصفه بوصف المؤنثة الواحدة ، وحسَّنَهُ هنا كونها فاصلة{[53502]} . وقد تقدم مثله في «طه » عند قوله { لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الكبرى } [ طه : 23 ] .
قال ابن الخطيب : في «الكُبْرَى » وجهان :
أحدهما : أنها صفة لمحذوف تقديره لقد رأى من آيات ربه الآيَة الكُبْرَى .
ثانيهما : صفة لآيات ربه فيكون مفعول رأى محذوفاً تقديره رأى من آيات ربّه الكبرى آيةً أو شيئاً{[53503]} .
قال بعض المفسرين : آيات ربه الكبرى هي أنه رأى جبريل - عليه الصلاة والسلام - في صورته . قال ابن الخطيب : والظاهر أن هذه الآيات غير تِيكَ{[53504]} ، لأن جبريلَ - عَلَيْهِ الصَّلاة والسلامُ - وإن كان عظيماً ، لكن ورد في الأخبار أن لله{[53505]} ملائكةً أعظمَ منه . و«الكُبْرَى » تأنيث الأكبر فكأنه تعالى قال : رأى من آيات ربِّه آياتٍ هي أكبر الآيَاتِ{[53506]} .
قال المفسرون : رأى رَفْرَفاً أخْضَرَ سَدَّ أُفُقَ السماء . قال البيهقيُّ{[53507]} : الرفرف جبريلُ - عليه الصلاة والسلام - في صورته على رفرف ، والرَّفْرَفُ البسَاط . وقيل : ثوبٌ كان يَلْبَسُهُ . وقال القرطبي : وروى ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى : { دَنَا فتدلى } أنه على التقديم والتأخير ، أي تدلى الرفرف لمحمد - عليه الصلاة والسلام - ليلة المعراج فجلس عليه ثم رفع فدنا من ربه قال : فَارَقَنِي جبريلُ وانْقَطَعت عَنّي الأَصْوَاتُ وسَمِعْتُ كَلاَمَ رَبِّي . فعلى هذا الرفرف ما يجلس{[53508]} عليه كالبسَاط ونَحْوِهِ .
قال ابن الخطيب ( هذه الآية ) {[53509]} تدل على أن محمداً - عليه الصلاة والسلام - لم ير الله ليلة المعراج وإنما رأى آيات الله . وفيه خلاف . ووجه الدلالة أنه ختم قصة المعراج ههنا برؤية الآيات وقال : { سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً } إلى أن قال : { لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا } [ الإسراء : 1 ] ولو كان رأى ربه لكان ذلك أعظمَ ما يمكن فكان أكبر شيء هو الرؤية ، فكان الأمر للرؤية{[53510]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.