وهذه المسائل التي نهيتم عنها { قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ } أي : جنسها وشبهها ، سؤال تعنت لا استرشاد . فلما بينت لهم وجاءتهم { أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ } كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم ، واختلافهم على أنبيائهم " .
ثم قال : { قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ } أي : قد سأل هذه المسائل المنهي عنها قومٌ من قبلكم ، فأجيبوا عنها ثم لم يؤمنوا بها ، فأصبحوا بها كافرين ، أي : بسببها ، أي : بينت لهم ولم{[10455]} ينتفعوا بها لأنهم لم يسألوا على وجه الاسترشاد ، وإنما سألوا على وجه التعنت والعناد .
القول في تأويل قوله تعالى : { قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مّن قَبْلِكُمْ ثُمّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ } . .
يقول تعالى ذكره : قد سأل الايات قوم من قبلكم : فلما آتاهموها الله ، أصبحوا بها جاحدين منكرين أن تكون دلالة على حقيقة ما احتجّ بها عليهم ، وبرهانا على صحة ما جعلت برهانا على تصحيحه ، كقوم صالح الذين سألوا الاية فلما جاءتهم الناقة آية عقروها ، وكالذين سألوا عيسى مائدة تنزل عليهم من السماء : فلما أُعْطُوها كفروا بها وما أشبه ذلك ، فحذّر الله تعالى المؤمنين بنبيه صلى الله عليه وسلم أن يسلكوا سبيل مَن قبلهم من الأمم التي هلكت بكفرهم بآيات الله لما جاءتهم عند مسألتهموها ، فقال لهم : لا تسألوا الايات ، ولا تبحثوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ، فقد سأل الايات من قبلكم قوم فلما أوتوها أصبحوا بها كافرين . كالذي :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ " نهاهم أن يسألوا عن مثل الذي سألت النصارى من المائدة ، فأصبحوا بها كافرين ، فنهى الله عن ذلك .
حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : " قَدْ سأَلهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ " قد سأل الايات قوم من قبلكم ، وذلك حين قيل له : غيّر لنا الصفا ذهبا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.