فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَدۡ سَأَلَهَا قَوۡمٞ مِّن قَبۡلِكُمۡ ثُمَّ أَصۡبَحُواْ بِهَا كَٰفِرِينَ} (102)

{ قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين 102 ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون 103 } .

{ قد سألها } الضمير يرجع إلى المسألة المفهومة من { لا تسألوا } لكن ليست هذه المسألة بعينها بل مثلها في كونها لا حاجة إليها ولا توجبها الضرورة الدينية قاله الزمخشري ، ونحا ابن عطية منحاه ، قال الشيخ ولا يتجه قولهما إلا على حذف مضاف ، وقد صرح به بعض المفسرين أي سأل أمثالها أو أمثال هذه السؤالات .

{ قوم من قبلكم } كما سأل قوم صالح الناقة وسأل قوم عيسى المائدة وسأل قوم موسى رؤية الله جهرة { ثم } لم يعملوا بها بل { أصبحوا بها كافرين } أي ساترين لها تاركين للعمل بها فإن بني إسرائيل كانوا يستفتون أنبيائهم في أشياء فإذا أمروا بها تركوها فهلكوا .

ولا بد من تقييد النهي في هذه بما لا تدعوا إليه حاجة كما قدمنا لأن الأمر الذي تدعوا إليه الحاجة في أمور الدين والدنيا قد أذن الله بالسؤال عنه فقال فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( قاتلهم الله ألا سألوا فإنما شفاء العي السؤال ) {[668]} .


[668]:أبو داود كتاب الطهارة باب 125 – أحمد بن حنبل 1/280.