المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ثُمَّ فِي سِلۡسِلَةٖ ذَرۡعُهَا سَبۡعُونَ ذِرَاعٗا فَٱسۡلُكُوهُ} (32)

30 - يُقال لخزنة جهنم : خذوه فاجمعوا يديه إلى عنقه ، ثم لا تدخلوه إلا نار الجحيم ، ثم في سلسلة بالغة الطول فاسلكوه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ثُمَّ فِي سِلۡسِلَةٖ ذَرۡعُهَا سَبۡعُونَ ذِرَاعٗا فَٱسۡلُكُوهُ} (32)

{ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا } من سلاسل الجحيم في غاية الحرارة { فَاسْلُكُوهُ } أي : انظموه فيها بأن تدخل في دبره وتخرج من فمه ، ويعلق فيها ، فلا يزال يعذب هذا العذاب الفظيع ، فبئس العذاب والعقاب ، وواحسرة من له التوبيخ والعتاب . فإن السبب الذي أوصله إلى هذا المحل :

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ثُمَّ فِي سِلۡسِلَةٖ ذَرۡعُهَا سَبۡعُونَ ذِرَاعٗا فَٱسۡلُكُوهُ} (32)

ولا يقطع هذه الرنة الحزينة المديدة إلا الأمر العلوي الجازم ، بجلاله وهوله وروعته :

( خذوه . فغلوه . ثم الجحيم صلوه . ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ) . .

يا للهول الهائل ! ويا للرعب القاتل ! ويا للجلال الماثل !

( خذوه ) . .

كلمة تصدر من العلي الأعلى . فيتحرك الوجود كله على هذا المسكين الصغير الهزيل . ويبتدره المكلفون بالأمر من كل جانب ، كما يقول ابن أبي حاتم بإسناده عن المنهال بن عمرو : " إذا قال الله تعالى : خذوه ابتدره سبعون ألف ملك . إن الملك منهم ليقول هكذا فيلقي سبعين ألفا في النار " . . كلهم يبتدر هذه الحشرة الصغيرة المكروبة المذهولة !

( فغلوه ) . .

فأي السبعين ألفا بلغه جعل الغل في عنقه . . !

( ثم الجحيم صلوه ) . .

ونكاد نسمع كيف تشويه النار وتصليه . .

( ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ) . .

وذراع واحدة من سلاسل النار تكفيه ! ولكن إيحاء التطويل والتهويل ينضح من وراء لفظ السبعين وصورتها .

ولعل هذا الإيحاء هو المقصود ! .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ثُمَّ فِي سِلۡسِلَةٖ ذَرۡعُهَا سَبۡعُونَ ذِرَاعٗا فَٱسۡلُكُوهُ} (32)

و { ثم } من قوله : { ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه } للتراخي الرتبي بالنسبة لمضمون الجملتين قبلها لأن مضمون { في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً } أعظم من مضمون { فغلوه .

ومضمون { فاسلكوه } دل على إدخاله الجحيم فكان إسلاكه في تلك السلسلة أعظم من مطلق إسلاكه الجحيم .

ومعنى { اسلكوه } : اجعلوه سالِكاً ، أي داخلاً في السلسلة وذلك بأن تَلف عليه السلسلة فيكون في وسطها ، ويقال : سلَكه ، إذا أدخله في شيء ، أي اجعلوه في الجحيم مكبَّلاً في أغلاله .

وتقديم { الجحيمَ } على عامله لتعجيل المساءة مع الرعاية على الفاصلة وكذلك تقديم { في سلسلة } على عامله .

واقتران فعل { اسلكوه } بالفاء إمَّا لتأكيد الفاء التي اقترنت بفعل { فَغلّوه } ، وإما للايذان بأن الفعل منزل منزلة جزاء شرط محذوف ، وهذا الحذف يشعر به تقديم المعمول غالباً كأنه قيل : مهما فعلتم به شيئاً فاسلكوه في سلسلة ، أو مهما يكن شيء فاسلكوه .

والمقصود تأكيد وقوع ذلك والحثُّ على عدم التفريط في الفعل وأنه لا يرجى له تخفيف ، ونظيره قوله تعالى : { وربَّك فكبّر وثِيابَك فطهّر والرِّجز فاهجر } [ المدثر : 35 ] ، وتقدم عند قوله تعالى : { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا } في سورة [ يونس : 58 ] .

والسلسلة : اسم لمجموع حَلَققٍ من حديد داخللٍ بعضُ تلك الحَلَق في بعض تجعل لِوثاق شخص كي لا يزول من مكانه ، وتقدم في قوله تعالى : { إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل } في سورة غافر ( 71 ) .

وجملة { ذرعها سبعون ذراعاً } صفة { سِلْسلة } وهذه الصفة وقعت معترضة بين المجرور ومتعلَّقِهِ للتهويل على المشركين المكذبين بالقارعة ، وليست الجملة مما خوطب الملائكة الموكلون بسوْق المجرمين إلى العذاب ، ولذلك فعَدَدُ السبعين مستعمل في معنى الكثرة على طريقة الكناية مثل قوله تعالى : { إِنْ تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم } [ التوبة : 80 ] .

والذَّرع : كيلُ طوللِ الجسم بالذراع وهو مقدار من الطول مقدر بذراع الإِنسان ، وكانوا يقدرون بمقادير الأعضاء مثل الذراع ، والأصبَع ، والأنملة ، والقَدم ، وبالأبعاد التي بين الأعضاء مثل الشِبْر ، والفِتْر ، والرتب ( بفتح الراء والتاء ) ، والعَتَب ، والبُصْم ، والخُطوة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ثُمَّ فِي سِلۡسِلَةٖ ذَرۡعُهَا سَبۡعُونَ ذِرَاعٗا فَٱسۡلُكُوهُ} (32)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

ثم اسكلوه في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا، بذراعٍ اللّهٌ أعلم بقدر طولها.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

فذكر أولا أنهم يغلون، ثم يصلون الجحيم، ثم يسلسلون إذ ذاك، وحق مثله أن يسلسل، ثم يمد إلى جهنم. ولكن يشبه أن يكونوا أولا يحشرون، ثم يساقون إلى نار جهنم بقوله: {وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا} [الزمر: 71] أو إذا وردوها هموا أن يفروا منها، فيسلسلون إذ ذاك، ويسحبون في النار حينئذ، فلا يتهيأ لهم الهرب.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

تقديره: ثم اسلكوه في سلسلة طولها سبعون ذراعا فاسلكوه فيها، فالسلسلة حلق منتظمة كل واحدة منها في الأخرى... وقيل: اسلكوه في السلسلة، لأنه يأخذ عنقه فيها، ثم يجر بها.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

سلكه في السلسلة: أن تلوى على جسده حتى تلتف عليه أثناؤها؛ وهو فيما بينها مرهق مضيق عليه لا يقدر على حركة؛ وجعلها سبعين ذراعاً إرادة الوصف بالطول. كما قال: {إن تستغفر لهم سبعين مرة} [التوبة: 80]، يريد: مرات كثيرة، لأنها إذا طالت كان الإرهاق أشد. والمعنى في تقديم السلسلة على السلك: مثله في تقديم الجحيم على التصلية. أي: لا تسلكوه إلا في هذه السلسلة، كأنها أفظع من سائر مواضع الإرهاق في الجحيم. ومعنى {ثُمَّ} الدلالة على تفاوت ما بين الغل والتصلية بالجحيم، وما بينها وبين السلك في السلسلة، لا على تراخي المدة.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

و {ذرعها} معناه مبلغ أذرع كيلها، وقد جعل الله تعالى السبعمائة والسبعين والسبعة مواقف ونهايات لأشياء عظام، فذلك مشي البشر: العرب وغيرهم على أن يجعلوها نهايات، وهذه السلسلة من الأشياء التي جعل فيها السبعين نهاية. وقرأ السدي: «ذرعها سبعين» بالياء، وهذا على حذف خبر الابتداء، واختلف الناس في قدر هذا الذراع...

{فاسلكوه} معناه: ادخلوه.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

وعبر أيضاً بأداة التراخي لعلو رتبة مدخولها، فقال مؤذناً بعدم الخلاص: {ثم في سلسلة} أي عظيمة جداً لا ما هو دونها. ولما قدمها دلالة على الاهتمام بها وعلى تخصيصها لشدة مخافتها، عرف بعظيم هولها وشدة فظاعتها ليجتمع المفهوم والمنطوق على تهويلها فقال: {ذرعها} أي في أيّ شيء فرضت من طول أو عرض {سبعون ذراعاً} يحتمل أن يكون هذا العدد حقيقة، وأن يكون مبالغة... وأشار سبحانه إلى ضيقها على ما تحيط به من بدنه بتعبيره بالسلك فقال: {فاسلكوه} أي أدخلوه بحث يكون كأنه السلك -أي الحبل- الذي يدخل في ثقب الخرزة بعسر لضيق ذلك الثقب إما بإحاطتها بعنقه أو بجميع بدنه بأن تلف عليه فيصير في غاية الضنك والهوان لا يقدر على حركة أصلاً، وهذا تعذيب القالب لأنه أفسد القلب بعدم الإيمان والقالب بعدم الأعمال.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

و {ثم} من قوله: {ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه} للتراخي الرتبي بالنسبة لمضمون الجملتين قبلها، لأن مضمون {في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً} أعظم من مضمون {فغلوه. ومضمون {فاسلكوه} دل على إدخاله الجحيم فكان إسلاكه في تلك السلسلة أعظم من مطلق إسلاكه الجحيم. ومعنى {اسلكوه}: اجعلوه سالِكاً، أي داخلاً في السلسلة وذلك بأن تَلف عليه السلسلة فيكون في وسطها، ويقال: سلَكه، إذا أدخله في شيء، أي اجعلوه في الجحيم مكبَّلاً في أغلاله. وتقديم {الجحيمَ} على عامله لتعجيل المساءة مع الرعاية على الفاصلة وكذلك تقديم {في سلسلة} على عامله. والمقصود تأكيد وقوع ذلك والحثُّ على عدم التفريط في الفعل وأنه لا يرجى له تخفيف،

والسلسلة: اسم لمجموع حَلَق من حديد داخلٍ بعضُ تلك الحَلَق في بعض تجعل لِوثاق شخص كي لا يزول من مكانه،

وجملة {ذرعها سبعون ذراعاً} صفة {سِلْسلة} وهذه الصفة وقعت معترضة بين المجرور ومتعلَّقِهِ للتهويل على المشركين المكذبين بالقارعة.