الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ثُمَّ فِي سِلۡسِلَةٖ ذَرۡعُهَا سَبۡعُونَ ذِرَاعٗا فَٱسۡلُكُوهُ} (32)

( ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه )[ 32 ] .

أي : ثم اسلكوه في سلسلة طولها سبعون ذراعا . وذلك أن تدخل في دبره وتخرج من منخريه {[70117]} . وقيل : تدخل في فيه وتخرج من دبره {[70118]} . وقال {[70119]} محمد بن المنكدر : لو جمع حديد الدنيا ما مضى منها {[70120]} وما بقي {[70121]} ما عدل حلقة من حلق السلسلة {[70122]} .

قال نوف البكالي {[70123]} : الذراع سبعون باعا أبعد ما بينك وبين مكة وهو يومئذ بالكوفة {[70124]} . قال ابن عباس : ( سبعون ذراعا ) " بذراع الملك( فاسلكوه ) تسلك في دبره حتى تخرج من منخريه حتى لا يقوم على رجليه " {[70125]} .

وروى عبد الله بن عمر وابن العاصي {[70126]} أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لو أن رصاصة {[70127]} مثل هذا {[70128]}- وأشار إلى مثل جمجمة {[70129]}- أرسلت من السماء إلى الأرض- وهي مسيرة خمس مائة سنة- لبلغت الأرض قبل الليل . ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة أربعين خريفا- الليل والنهار- قبل أن [ تبلغ ] {[70130]} أصلها أو قعرها " {[70131]} .

وقيل : فاسلكوه ، وإنما تسلك السلسلة فيه لأن المعنى مفهوم ، مثل قولهم {[70132]} : أدخلت رأسي في القلنسوة {[70133]} ، وإنما تدخل [ القلنسوة ] {[70134]} في الرأس {[70135]} ، وشبهه كثير في الكلام {[70136]} .

وقال الفراء : التقدير : فاسلكوه فيها {[70137]} .

روى نعيم بن حماد {[70138]} عن كعب أنه قال : ينظر الله إلى عبده يوم القيامة فيقول : " خذوه " ، فيأخذه مائة ألف ملك حتى يتفتت {[70139]} في أيديهم ، فيقول : أما ترحموننا {[70140]} ؟ ! فيقولون : وكيف نرحمك ولم يرحمك أرحم الراحمين ؟ ! {[70141]} .


[70117]:- جامع البيان 29/63.
[70118]:- هو قول الضحاك في جامع البيان 29/64.
[70119]:- أ: قال.
[70120]:-ث: فيها.
[70121]:- أ: بقا.
[70122]:- إنما وجدته من قول كعب في المعالم 7/146, وابن وهب في تفسير الخازن7/146.
[70123]:- هو نوف بن فضالة الحميري البكالي, إمام أهل دمشق في عصره, محدث ورد ذكره في الصحيحين وكان راويا للقصص توفي سنة 95هـ. انظر حلية الأولياء:6/48, وتهذيب التهذيب1/490
[70124]:-أ: في الكوفة. ث: بالكوفية. وهو يعني أن كل باع أبعد مما بين مكة والكوفة كما هو نصه في جامع البيان29/63.
[70125]:- المصدر السابق29/63.-64, والدر8/271.
[70126]:- في جامع البيان 29/64: العاص.
[70127]:-" الرصاصة أو الرصراصة: حجارة " لازمة لما حوالي العين الجارية" اللسان( رصص). وقد وردت هذه اللفظة عند لقرطبي في التذكرة( مطبعة الحلبي القاهرة: 1400هـ- 1980م ص: 481) و( مطبعة دار ابن زيد, بيروت ط1/1406هـ 1986 م ج2 ص537) نقلا عن الترمذي:" برضاضة" بالضاد المعجمة وهكذا وردت أيضا عند ابن كثير في تفسيره 4/444 نقلا عن الترمذي وأحمد, بخلاف ما هو ثابت في سنن الترمذي والمسند( انظر: هامش2 ص181), ولعله من الرضاض, وهو فتات الشيء اعتبارا بما تؤول إليه الرصاصة, وهو بعيد في السياق لتشبيهه صلى الله عليه وسلم الرصاصة بالجمجمة, أو لعله من الرضراض أي الحجارة التي تَرَضْرَضُ على وجه الأرض, أي تتحرك ولا تلبث, وهو أقرب لاحتمال الحركة حتى ولو كانت حجارة في حجم الجمجمة, وذلك لقوة الماء أو الريح وشكلها المساعد على الحركة. انظر : اللسان( رضض).
[70128]:- لفظ الطبري والإمام أحمد" مثل هذه".
[70129]:- في جامع البيان" إلى جمجمة".
[70130]:-م: بليغ.
[70131]:- الحديث أخرجه الترمذي في أبواب صفة جهنم ح:2714, وصححه الإمام أحمد في المسند 2/197, والطبري في جامع البيان 29/64.
[70132]:-أ: قولك.
[70133]:-م: ث القلنسوة.
[70134]:- م: القلنسوة.
[70135]:-انظر معاني الفراء 3/182, وجامع البيان29/64.
[70136]:-أ: في القرآن.
[70137]:-الذي في معاني الفراء 3/182:" ذكر أنها تدخل في دبر الكافر, فتخرج من رأسه, فذلك سلكه فيها, والمعنى: ثم اسلكوا في سلسلة".
[70138]:- هو نعيم بن حماد بن معاوية الخزاعي المروزي أبو عبد الله نزيل مصر روى عن ابن عيينة وابن المبارك وغيرهما وعنه ابن معين والبخاري وأبو حاتم وآخرون, كان أول من جمع " المسند"(ت:128). انظر: ميزان الاعتدال: 4/267, وطبقات الحفاظ: 181.
[70139]:-أ: تيقنت.
[70140]:- أ: ترحمونا.
[70141]:- لم أقف على هذا القول.