فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ثُمَّ فِي سِلۡسِلَةٖ ذَرۡعُهَا سَبۡعُونَ ذِرَاعٗا فَٱسۡلُكُوهُ} (32)

{ ثم في سلسلة } عظيمة جدا ، والسلسلة حلق منتظمة كل حلقة منها في حلقة { ذرعها } أي طولها { سبعون ذراعا } قال الحسن الله أعلم بأي ذراع هو ، وقيل بذراع الملك ، قال نوف الشامي : كل ذراع سبعون باعا كل باع أبعد ما بينك وبين مكة وكان نوف في رحبة الكوفة ، قال مقاتل لو أن حلقة منها وضعت على ذروة جبل لذاب كما يذوب الرصاص ، وقال ابن جريج لا يعرف قدرها إلا الله ، وهذا العدد حقيقة أو مبالغة ، ومعنى :

{ فاسلكوه } فاجعلوه فيها بحيث يكون كأنه السلك أي الحبل الذي يدخل في ثقب الخرزات بعسر لضيق ذلك الثقب إما بإحاطتها بعنقه أو بجميع بدنه بأن تلف عليه ، يقال سلكته الطريق إذا أدخلته فيه ، ولم تمنع الفاء من تعلق الفعل أي الداخلة عليه بالظرف المتقدم وهو في سلسلة ، وتقديمها كتقديم الجحيم للدلالة على التخصيص والاهتمام بذكر أنواع ما يعذبون به ؛ وثم لتفاوت ما بينها في الشدة لا للدلالة على تراخي المدة .

قال سفيان : بلغنا أنها تدخل في دبره حتى تخرج من فيه . قال الكلبي : تسلك سلك الخيط في اللؤلؤ وقال سويد بن أبي نجيح : بلغني أن جميع أهل النار في تلك السلسلة ، قال ابن عباس : السلسلة تدخل في استه ثم تخرج من فيه ، ثم ينظمون فيها كما ينظم الجراد في العود ثم يشوى .